عاقبة من فقد التوكل على الله والاستعانة به
****
وَلَو سعى فِي
هَذَا المَطْلُوب وَلم يكن مستعينًا بِاللَّه متوكلاً عَلَيْهِ مفتقرًا إِلَيْهِ
فِي حُصُوله لم يحصل لَهُ، فَإِنَّهُ مَا شَاءَ الله كَانَ، وَمَا لم يَشَأْ لم
يكن، فَهُوَ مفتقر إِلَى الله من حَيْثُ هُوَ المَطْلُوب المحبوب المُرَاد
المعبود، وَمن حَيْثُ هُوَ المَسْؤول المُسْتَعَان بِهِ المتَوَكل عَلَيْهِ،
فَهُوَ إلهه لاَ إِلَه لَهُ غَيره، وَهُوَ ربه لاَ رب لَهُ سواهُ.
وَلاَ تتمّ
عبوديته لله إِلاَّ بِهَذَيْنِ، فَمَتَى كَانَ يحب غير الله لذاته أَو يلْتَفت
إِلَى غير الله أَنه يُعينهُ كَانَ عبدًا لما أحبه، وعبدًا لما رجاه بِحَسب حبه
لَهُ ورجائه إِيَّاه. وَإِذا لم يحب لذاته إِلاَّ الله، وكلما أحب سواهُ
فَإِنَّمَا أحبه لَهُ، وَلم يرج قطُّ شَيْئًا إِلاَّ الله،
****
فَلو أنَّه أرَاد أنْ يَعبدَ اللهَ ولكنَّهُ لا
يَستعِينُ بِالله؛ فَإنَّه لَن يَحصُل عَلى مَطلُوبِه؛ لأنَّه لاَ يُعينُه عَلى
العِبادةِ وَيمكِّنُه مِنها، وُيُيسِّرُها لهُ، وَيقوِّيهِ عَليهَا وَيُرغِّبه
فِيها، إِلا اللهُ: ﴿إِيَّاكَ
نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ﴾
[الفاتحة: 5].
*
مَن التَفتَ إِلى غَيرِ اللهِ وظنَّ أنَّه يَنفعُه، وَأنَّه يَدفعُ عنهُ الضَّررُ،
فَإنَّ هَذا الغَير لَن يَنفعَهُ وَإِنمَا يَكونُ حَسرةً عَليهِ؛ وَلذلكَ
فالمُسلمُ لا يُحبُّ إلا لِله وَلا يُبغضُ إِلا للهِ، وَلا يُوالِي إلاَّ فِي اللهِ،
وَلا يُعادِي إِلا فِي اللهِ، وَلا يتوكَّلُ إِلا علَى اللهِ، فَلا غِنى بِالعَبد
عَن اللهِ سبحانه وتعالى، وَلا يُعينُه عَلى طَاعتِه وَعبادَتهِ إلاَّ اللهُ جل
وعلا.
الصفحة 1 / 397