×
شرح كتاب العبودية

وبالفرْقِ بَينَ هذَيْن النَّوْعَيْنِ يُعرَفُ الْفرقُ بَينَ «الْحَقَائِق الدِّينِيَّة» الدَّاخِلَة فِي عبَادَةِ اللهِ وَدينِه وَأمرِه الشَّرْعِيّ الَّتِي يُحِبهَا ويرضَاها ويُوالِى أَهلهَا ويُكرِمُهم بجنَّتِه، وَبَينَ «الْحَقَائِق الكونية» الَّتِي يشْتَركُ فِيهَا الْمُؤمنُ وَالْكَافِرُ وَالْبَرُّ والفاجِرُ الَّتِي من اكْتفى بهَا وَلم يتَّبعِ الْحَقَائِقَ الدِّينِيَّةَ كَانَ من أَتبَاعِ إِبْلِيسَ اللَّعينِ والكافرين بِرَبِّ الْعَالمين. وَمن اكْتفى بهَا فِي بَعْضِ الأُْمُورِ دونَ بعض، أَو فِي مقَامٍ أَو حَالٍ نقَصَ من إيمَانِه وولايتِه للهِ بِحَسْبِ مَا نقَص من الْحَقَائِقِ الدِّينِيَّة. وَهَذَا مقَامٌ عَظِيمٌ فيه غلَطُ الغالطون، وَكثُرَ فِيهِ الاِشْتِبَاه على السَّالِكين، حَتَّى زلق فِيهِ من أكَابِر الشُّيُوخ المدَّعين للتحقيقِ والتوحيدِ والعِرْفان مَا لاَ يُحصِيهم إِلاَّ اللهُ الَّذِي يعلمُ السِّرَّ والإِعْلان.

****

وقال: ﴿وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ فَمِنۡهُم مَّنۡ هَدَى ٱللَّهُ وَمِنۡهُم مَّنۡ حَقَّتۡ عَلَيۡهِ ٱلضَّلَٰلَةُۚ فَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلۡمُكَذِّبِينَ [النحل: 36]، فهذه رسالةُ الرُّسلِ عليهمُ السلام، جَاؤوا بالأمرِ بعِبادةِ اللهِ وحدَه لا شَريكَ له. والاستمرارُ عليها إلى المَمَات.

*هذا كما سبق بيانُه.

الناسُ مع التوحيدِ ثلاثةُ أنواع:

النوع الأول: من أقرَّ بالربوبيةِ ولم يَعبُدِ اللهَ فإنَّه كافرٌ من أتْبَاعِ إبليسَ حيثُ آمنَ بربِّه ولم يَفعلْ ما أمَرَ به.


الشرح