وَلَكِنِ استفادوا بِهَذَا الضَّلالِ اتِّبَاعَ
أَهْوَائِهِم؛ فَهُمْ يُحِبُّونَ مَا يَهْوُونَهُ؛ كالصُّوَرِ والرِّئاسة وفضول
المَالِ، والبِدَعِ المضلَّة، زاعِمِينَ أَنَّ هَذَا مِنْ مَحَبَّةِ الله، وَمِنْ
مَحَبَّةِ الله بُغْضُ مَا يُبْغِضُهُ الله وَرَسُولُهُ، وَجِهَادُ أَهْلِهِ
بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ.
****
قوله: «وَلَكِنْ اسْتَفَادُوا بِهَذَا الضَّلاَلِ اتِّبَاعَ أَهْوَائِهِمْ»؛
أي: هم يَعْلَمُونَ أَنَّ هذا لا يُوَافِقُ العقول، ولكن يروِّجون على النَّاس
مِنْ أَجْلِ أن يَحْصُلُوا على ما يريدون مِنْ أَطْمَاعِهِم.
قوله:
«فَهُمْ يُحِبُّونَ مَا يَهْوَوْنَهُ
كَالصُّوَرِ وَالرِّئَاسَةِ وَفُضُولِ المالِ، وَالْبِدَعِ المْضِلَّةِ»:
يَقُولُونَ: نَحْنُ نُحِبُّ كلَّ ما في الكون. وهم إنَّما يحبُّون ما يوافق
شهواتهم وأهواءهم، ويستغلُّون هذه الدَّعْوَى في تضليل النَّاس وخضوعهم لهم.
وقوله:
«زاعمين أَنَّ هَذَا من محبَّة الله»:
لأنَّه يُحِبُّ هذه الأشياء؛ فنحن نحبُّها: وقد كَذَبُوا في ذلك على الله؛ فإنَّ
الله لا يُحِبُّ الكُفْرَ، ولا يُحِبُّ الكفَّار، ولا يُحِبُّ البِدَعَ
والمُحْدَثَات.
قوله:
«وَمِنْ مَحَبَّةِ اللهِ بُغْضُ مَا
يُبْغِضُهُ الله وَرَسُولُهُ»: فَمَحَبَّةُ الله لها فُرُوعٌ؛ فَتُحِبُّ ما
يُحِبُّهُ الله، وَمَنْ يُحِبُّهُ الله من الأعمال الصَّالحة والطَّاعات
والقُرُبات والعبادات وأهل الطَّاعات، وَتَكْرَهُ ما يَكْرَهُهُ اللهُ مِنَ الكفر
والفسوق والعصيان والكفَّار والعُصَاة.
لكن
الخَلْقُ مِنْهُمْ مَنْ يُبْغَضُ بُغْضًا خالصًا؛ كإبليس، وفرعون، وقادة الكفر؛
هؤلاء يُبْغَضُونَ بُغْضًا خَالِصًا، لا مَحَبَّةَ مَعَهُ.
ومنهم
مَنْ يُحَبُّ حبًّا خالصًا؛ لا بُغْضَ معه، كالملائكة، والرُّسُل، والأولياء، والصَّالحين؛
تحبُّهم مَحَبَّةً خَالِصَةً ليس معها بُغْضٌ.
الصفحة 1 / 397