وَبِذَلِكَ يُصْرَفُ عَنْ أَهْلِ الإِْخْلاَص لله
السُّوءُ وَالفَحْشَاءُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿كَذَٰلِكَ
لِنَصۡرِفَ عَنۡهُ ٱلسُّوٓءَ وَٱلۡفَحۡشَآءَۚ إِنَّهُۥ مِنۡ عِبَادِنَا ٱلۡمُخۡلَصِينَ﴾ [يوسف: 24].
فَإِنَّ
المُخْلِصَ لله ذَاقَ مِنْ حَلاوَةِ عُبُودِيَّتِهِ لله مَا يَمْنَعُهُ عَنْ
عُبُودِيَّتِهِ لِغَيْرِهِ، وَمِنْ حَلاوَةِ مَحَبَّتِهِ لله مَا يَمْنَعُهُ عَنْ
مَحَبَّةِ غَيْرِهِ،
****
أَنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ
أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ المْرءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ
للهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ
فِي النَّارِ» ([1]).
فَإِذَا
بَلَغَ الإِنْسَانُ هَذِهِ المَرْتَبَةَ، فَقَدْ وَجَدَ حَلاوَةَ الإيمان، وليس
كُلُّ مؤمن يجد حَلاوَةَ الإيمان؛ فالإيمان يتفاضل؛ يَزِيدُ، وَيَنْقُصُ، ولكن من
بَلَغَ هذه المرتبة، وَجَدَ حَلاوَةَ الإيمان. وَلِهَذَا لمَّا سَأَلَ هِرَقْلُ
عَظِيمُ الرُّومِ أَبَا سُفْيَانَ عن الرَّسول صلى الله عليه وسلم عن صِفَاتِهِ،
وَمِنْ جُمْلَةِ أَسْئِلَتِهِ قال: «هل
يرتدُّ أَحَدٌ ممَّن تَبِعَهُ؟ قال: لا، قال: كَذَلِكَ الإيمان إذا خَالَطَ
بَشَاشَةَ القَلْبِ» ([2])؛
فإنَّه لا يَرْتَدُّ عَنْهُ، ولو قُتِلَ، أَوْ حُرِّقَ.
قوله:
«وَبِذَلِكَ يُصْرَفُ عَنْ أَهْلِ
الإِْخْلاَصِ للهِ السُّوءُ وَالْفَحْشَاءُ»: إذا بَلَغَ الإِنْسَانُ
مَرْتَبَةَ المُخْلِصِينَ لله عز وجل فإنَّه يَصْرِفُ الله عنه السُّوء والفحشاء،
كما صَرَفَهَا عَنْ يُوسُفَ عليه السلام.
·
نتائج
الإخلاص ومضار عَدَمِه:
قوله: «فَإِنَّ المخْلِصَ للهِ ذَاقَ مِنْ حَلاَوَةِ عُبُودِيَّتِهِ للهِ مِا يَمْنعُهُ عَنْ عُبُودِيَّتِهِ لِغَيْرِهِ»: لأنَّه إذا لم يَبْلُغْ هَذِهِ المَرْتَبَةَ، فَقَدْ تُدْرِكُهُ الشَّهَوَاتُ
([1]) أخرجه: البخاري رقم (16)، ومسلم رقم (43).
الصفحة 1 / 397