×
شرح كتاب العبودية

بَيان أسْبَاب ذِكر الخَاصِّ عَلى العَامِّ

****

أولاً: «لِكونِه لَه خَاصيَّة لَيستْ لِسائِر أَفرادِ العَامِّ»، كَما ذَكَرنا فِي قَولهِ: ﴿حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ [البقرة: 238]، وقَولِه: ﴿مَن كَانَ عَدُوّٗا لِّلَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَجِبۡرِيلَ وَمِيكَىٰلَ [البقرة: 98]، وقَولِه: ﴿وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِنَ ٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ مِيثَٰقَهُمۡ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٖ وَإِبۡرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ٱبۡنِ مَرۡيَمَۖ [الأحزاب: 7]، هَذا الاخْتصَاص المَعطُوف، وَزِيادة فَضلِه عَلى المَعطُوف علَيهِ.وَتارَة لكَون العَام فِيهِ إِطْلاَق قد لاَ يفهم مِنْهُ العُمُوم، كَمَا فِي قَوْله: ﴿ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ ٢ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ٣وَٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ وَبِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ ٤ [البقرة: 2- 4]، فَقَوله: ﴿يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ؛ يتَنَاوَل الغَيْب الذِي يجب الإِيمَان بِهِ؛ لَكِن فِيهِ إِجْمَال فَلَيْسَ فِيهِ دلاَلَة على أَن من الغَيْب مَا أنزل إِلَيْك وَمَا أنزل من قبلك. وَقد يكون المَقْصُود أَنهم يُؤمنُونَ بالمخبر بِهِ وَهُوَ الغَيْب، وبالإخبار بِالغَيْبِ وَهُوَ مَا أنزل إِلَيْك وَمَا أنزل من قبلك.

****

 ثانيًا: «لِكون العَامِّ فِيه إطْلاَق قَد لاَ يُفهَم مِنه العُمومُ»، فَقولُه: ﴿يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ، هَذا لَفظٌ عَامٌّ يَتناوَل كُلَّ مَا غَاب عَنَّا، وَلم نُشاهِدْهُ مِن الأُمورِ المَاضِيَّة، وَمِن الأُمورِ المُستقْبَلةِ، فَذَكر الإيمَان بِالكُتبِ المُنزَّلةِ لِلاهتِمام بِها مِن بَين سَائر المَغيباتِ وَلأنَّ العَامَّ فِيه إِطلاقٌ قَد لاَ يُفهَم مِنه العُموم.


الشرح