·
شُبهَتُهُم
فِي تَرك الأسْبَاب:
*
هِي كُونُهم: «ظَانين أنَّ العَارِف إِذا
شَهِد «القَدَر» أَعْرض عَن ذَلِك»، يَقُولون: إنَّه لاَ حَاجَة إِلى اتِّخاذِ
الأسْبَاب مَع وُجُود القَدَر، إِن كَان اللهُ قَد قَدَّر شَيئًا فَلا تَنفَع
الأسْبَاب مَع القَدَر.
*
ويَقُولون اتِّخاذُ الأسْبَاب «مِن
مَقَامات العَامَّة دُون الخَاصَّة»، أي يَحتَاجُه العَوامُّ الذينَ إيمَانُهم
ضَعيفٌ وَيقينُهُم ضَعيفٌ، مِثلَما قَال الذِينَ مِن قَبلِهِم: إِنَّ الشَّريعَة
يَحتاجُهَا العَوامُّ، فَهُم فَرعٌ مِنهُم، وَهَذه مُغالَطة، فَما مِن شَيءٍ إِلا
وَله أَسبابٌ، إِذا وُجد السَّببُ وُجدَ المُسبِّبُ بِإذنِ اللهِ، وَإذَا عُدِمَ
السَّببُ عُدمَ المسبِّبُ.
فَالله
أَمر بِاتِّخاذ الأسْباب، وأمَّا النَّتيجَة فَهِي عِندَه سبحانه وتعالى، فَلا
تَعَارض بَينَ اتِّخاذِ الأسْبابِ وَبينَ العُبودِيَّة للهِ عز وجل كَما أنَّه لاَ
تَعارُض بينَ فِعل الأسْبابِ، والإيمَانِ بِالقَضَاء والقَدر؛ لأنَّ فِعل
الأسْبابِ مِن القَضَاء والقَدَر، وَإذَا اتَّخذ الإنْسانُ السَّببَ فَهذا دَليلٌ
عَلى أنَّ اللهَ قَدَّر أَن يتَّخِذَه، وَإذا تَركَ الإنْسَان السَّببَ فَهذا
دَليلٌ عَلى أنَّه قَدَّر عَليه تَركَ السَّببِ، فَالقدرُ يُلازمُ الإنْسَان فِي
كُلِّ تَصرُّف، وَلا مَحيدَ لَهُ عَن القَضاءِ والقَدَر.