وَقَالَ: «لاَ يَبْقَيَنَّ فِي المَسْجِدِ
خَوْخَةٌ إِلاَّ سُدَّتْ إِلاَّ خَوْخَةَ أَبِي بَكْرٍ» ([1])، وَقَالَ: «إِنَّ
مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ القُبُورَ مَسَاجِدَ، أَلاَ فَلاَ
تَتَّخِذُوا القُبُورَ مَسَاجِدَ فَإِنِّي أَنهَاكُمْ عَنْ ذَلِك» ([2]).
****
وَمِمَّا يَدلُّ عَلى شِدَّة مَحبَّة النَّبيِّ
صلى الله عليه وسلم لأَبي بَكرٍ قَولُه صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَبْقَيَنَّ فِي المَسْجِدِ خَوْخَةٌ
إِلاَّ سُدَّتْ إِلاَّ خَوْخَةَ أَبِي بَكْرٍ»، وَهذا فِيه أنَّهُ أحَبُّ
الأُمَّة إِليهِ وأنَّه أَفضَل الصَّحابَة بِحيثُ لَو اتَّخذَ النَّبيُّ صلى الله
عليه وسلم من أهْلِ الأرْضِ خَليلاً لاتَّخذَ أبَا بَكر.
ثمَّ
إِنَّه لمَّا قَرُب أجَلُه صلى الله عليه وسلم أمَر بِسدِّ الأبْوَاب التِي
تَنفُذُ مِن بُيوتِ الصَّحابَة إِلى المَسجِد إِلا البَاب الذِي يَدخُل مِنه أَبو
بَكر، وَهذا إِشارَة إِلى أنَّه الإمَام فِي الصَّلاة والخَليفَة مِن بَعْده.
وقَالَ
صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مَنْ كَانَ
قَبْلَكُمْ»، أي: مِن اليَهود والنَّصَارى، «كَانُوا يَتَّخِذُونَ القُبُورَ مَسَاجِدَ»؛ بِمعنَى: أنَّهُم
يُصلُّون عِنْدها تَقرُّبًا إلَيهَا أَو تَوسُّلاً بِها، وَمَع تَحذيرِ النَّبيِّ
صلى الله عليه وسلم مِن ذَلكَ وَقعَ فِي هَذه الأُمَّة مَن اتَّخَذ القُبُور
مَسَاجدَ وَبَنى عَلَيها، وَالنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُول: «أَلاَ فَلاَ تَتَّخِذُوا القُبُورَ
مَسَاجِدَ فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ».
·
تَحذيرُ
النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مِن الغُلوِّ فِي قَبرِه:
قولُه:«وَفيهِ أنَّه قالَ ذلكَ قَبل مَوتِه بِأيَّام»؛ أي: حذَّر مِن اتِّخَاذ القُبورِ مَساجِد قَبلَ مَوتهِ مِن بابِ النُّصحِ لِلأمَّة، وَمن بَاب أنَّه يَخْشى أنْ يَغلوا فِي قَبْره صلى الله عليه وسلم، فَلا يَجُوز الصَّلاةُ عِند القُبورِ، لاَ قُبورَ الأنْبياءِ وَلا قُبور الصَّالحِينَ مُطلقًا، سَدًّا لِوسيلَةِ الشِّركِ.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (467).
الصفحة 1 / 397