×
شرح كتاب العبودية

بل يَقُولُونَ: نفوض مَعْنَاهُ إِلَى الله، مَعَ اعْتِقَادهم نقيض مَدْلُوله. وَإِذا حُقّق على هَؤُلاَءِ مَا يزعمونه من العقليات المُخَالفَة للْكتاب وَالسّنة وُجدت جَهلِيَّات واعتِقادات فَاسدة.

****

 البَراهينَ العَقلِيَّة، وَيقدِِّمونَها عَلى الأدِلَّة الشَّرعِيَّة، وَيقولون: إِنَّ الأدِلَّة الشَّرعيَّة ظَنيَّة لاَ تُفيد اليَقينَ، وَأمَّا البَراهين العَقلِيَّة فَهيَ يَقينِيَّة.

وَلِذلكَ أَنكَروا الأَسماءَ والصِّفاتَ الثَّابتةَ بِالكتَاب والسُّنة؛ لأنَّهَا لاَ تُوافِق البَراهينَ العَقليَّة بِزعمِهم، وَيسمُّون الأدِلَّة الشَّرعيَّة «أَدلَّة السَّمْع»، وَأدِلَّة المَنطِقِ «أدِلَّة العَقْل»، وَعندَهُم العَقلُ مُقدَّم عَلَى الشَّرع؛ لأنَّ الشَّرعَ لاَ يُفيدُ اليَقينَ، وأمَّا العَقليَّات فَإنَّها تُفيدُ اليَقين، وَهذا مِن كَيد الشَّيطانِ لِبني آدَم، فَكما أنَّه أَضلَّهم فِي العِبادة أَضلَّهم فِي العَقيدَة أيضًا.

موقِفُهم مِن أَدلَّة الشَّرعِ التِي تُعارِض أدِلَّة العَقلِ بِزعْمهم:

«بَل يَقُولون: نُفوِّض مَعنَاه إِلى اللهِ، مَع اعتِقَادِهم نَقيضِ مَدلُولِه»، فَهُم يَتَّبِعون الأدِلَّة العَقلِيَّةَ وَالبَراهينَ المَنطِقِيَّة؛ لأنَّ عَقائِدَهم مَبنيَّةٌ عَلَى ذَلك، فَهُم لاَ يحتَجُّون لاَ بِالآياتِ وَلا بِالأحَاديثِ، وَإنَّما يَحتجُّون بِقواعد المَنطِق وَعلمِ الكَلامِ، وَيسمُّونها «بَراهِين قَطعِية».

ومَوقِفُهم مِن أدِلَّة القُرآنِ والسُّنة: إِمَّا أنَّهُم يُفسِّرون الآيَات وَالأحَاديثِ، بِغيرِ تَفسِيرهَا الصَّحيحِ، وَهذا مَا يُسمُّونه بِالتَّأويل، وِإمَّا أنَّهم يُفوضُون معْنَاها وَلا يُفسِّرونَها، ويَعتَقدُون فِي نَفس الأمْر أنَّها لاَ تَدلُّ علَى أسْمَاء اللهِ وَلا عَلَى صِفاتِه، ويَقولون: لاَ نَدري ما المُراد بِها، بَل نُفوِّض مَعناها إلى اللهِ؛ فَهُم إِمَّا مُؤوِّلة، وَإمَّا مُفوِّضة.


الشرح