ما يُوضِّح الاحتجاج بالقَدَر ومتى يسوغ:
****
وَفِي
الصَّحِيحَيْنِ ([1]) عَن النَّبِيِّ
صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ: «احْتَجَّ آدمُ ومُوسَى فَقَالَ مُوسَى: أَنْتَ
آدمُ الَّذِي خَلقَكَ اللهُ بِيَدِهِ وَنفخَ فِيكَ من رُوحِه وأسْجَدَ لَك
مَلاَئكَتَه وعلَّمَك أَسمَاءَ كلِّ شَيْءٍ فلماذا أخرجْتَنا ونفسَك من الْجَنَّة؟
فَقَالَ آدم: أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاك الله بِرِسَالَتِهِ وبكلامِه فَهَل
وجدْتَ ذَلِك مَكْتُوبًا عليَّ قبلَ أَن أُخْلَق؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فحَجَّ آدمُ
مُوسَى». وآدَم عليه السلام لم يحْتَج على مُوسَى بِالْقدرِ ظنًّا أَنَّ المُذنِبَ
يحْتَجُّ بِالْقَدَر، فَإِنَّ هَذَا لاَ يَقُولُه مُسلمٌ وَلاَ عَاقِل،
****
أهلُ الجهلِ والضَّلالِ والهَوى يَحتَجُّون
بِهذا الحديث، يقولون: إنَّ آدمَ احتجَّ بالقضاءِ والقَدَرِ على فِعلِ المعصيةِ
وهي أكلُه من الشَّجرة.
والجواب: أنَّ آدمَ احتجَّ على المصيبةِ وهي إخراجُه من الجَنة، أمَّا المعصيةُ فقد تابَ منها، وموسى لم يقُل: لماذا أكلتَ من الشجرة، لماذا عصيْتَ الله؟ إنَّما قال: «فلمَاذا أخرجْتَنا ونفسَك من الجَنة؟»، عاتَبَه على هذه المصيبةِ التي حَصَلَت، فقال له آدم: «فهلْ وجدْتَ ذلك مكتوبًا عليَّ قبلَ أن أُخْلَق؟» قال: «بلى»، فحَجَّ آدمُ موسى عليهما السلام.
الصفحة 1 / 397