×
شرح كتاب العبودية

وَلَفظ العُبُودِيَّة يتَضَمَّن كَمَال الذل، وَكَمَال الحبّ،

****

 فِي حَقِّه: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ خَلِيلاً لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً»، وَفِي ذَلِك فَضلُ الصِّدِّيق، وَمَحَبةُ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم لَهُ.

والرَّافِضة «وَهُم أَعظَمُ المُنتَسِبِينَ إِلى القِبْلةِ إِشرَاكًا بِالبَشرِ»، المُنتَسِبِين إِلَى القِبْلة هُمُ الذِينَ يُصلُّونَ إِلى الكَعبَةِ؛ فَالرَّافِضَة مِن الفِرَق المُنتَسِبَة إِلى الإِسْلام وَهُم أَشدُّ النَّاس إِشراكًا بِالبشَرِ؛ لأنَّهُم يَعتَقِدون فِي أَئمَّتِهم العِصمَة وَيبنُونَ عَلى قُبورِهِم الأَضرِحَة، وَيتقَرَّبُون إِليهِم بِأنْوَاع العِبادَة، وَمَع هَذَا يَنتقِصُون صِدِّيقَ الأُمَّة وَينكِرُون فَضلَه وَخِلافَتَهُ بَعدَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم.

بَيانُ مَعنَى الخُلَّة: والخُلةُ هِي تَمامُ المَحبَّة، وَهِي أعْلَى دَرجَاتِها، وَاللهُ جل وعلا يُحبُّ كُلَّ مُؤمِن وَكُلَّ متَّقٍ وَكلَّ مُحسِن، وَلكن لاَ يَبلُغُ إِلى أَعلَى دَرجَات المَحَبَّة، وَهِي الخُلَّة، فالمُسلِمُون مُتفاوِتُون فِي نَيلِ مَحبَّة اللهِ عز وجل، ولَكن لاَ يَصل أَيٍّ مِنهُم إِلى الخُلَّة، وَلم يَصِل إِليهَا إِلاَّ الخَليلانِ إِبْراهِيم وَمُحَمَّد عَليهِما الصَّلاَة والسَّلامُ.

قَولُه: «وَلفظُ العُبودِيَّة يَتضمَّن كَمالَ الذُّلِّ وَكمالَ الحُبِّ»؛ العُبودِيَّة هِي كَمالُ الحُبِّ مَع كَمالِ الذُّلِّ للهِ عَز وَجلَّ، فَالمَحبَّةُ التِي مَعَها ذُلٌّ وَخضُوعٌ للمَحبُوب عُبودِيَّة، وَأمَّا المَحبَّة التِي لَيسَ مَعهَا ذُلٌّ لِلمَحبوبِ فَليستْ عُبودِيَّة.

فَمحَبَّةُ المَال والزَّوجَةِ والأَولاد وَالصَّدِيق مَحبَّة طَبيعِيَّةٌ ليْسَ مَعها ذُلٌّ، فَهِي لَيستْ عُبودِيَّة، أمَّا المَحبَّة التِي مَعهَا ذُلٌّ وَخُضوعٌ لِلمحبُوب، فَهيَ عُبودِيَّة، فَإِن كَان ذَلكَ للهِ فَهذهِ عِبادةُ اللهِ وَصاحِبها هُو المُؤمِنُ، وإنْ كَانَ ذَلكَ لِغيرِ اللهِ فَصاحِبهَا هُو المُشرِكُ.


الشرح