وَهَؤُلاَء قد يُسمُّون مَا أحدثوه من البدع
«حَقِيقَة». كَمَا يسمُّون مَا يشْهدُونَ من القدر «حَقِيقَة». وَطَرِيق
الحَقِيقَة عِنْدهم هُوَ السلوك الذي لاَ يتَقَيَّد صَاحبه بِأَمْر الشَّارِع
وَنَهْيه وَلَكِن بِمَا يرَاهُ ويذوقه ويجده وَنَحْو ذلك
****
ولهذا
قَالَ: ﴿يَٰبَنِيٓ
ءَادَمَ لَا يَفۡتِنَنَّكُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ كَمَآ أَخۡرَجَ أَبَوَيۡكُم مِّنَ ٱلۡجَنَّةِ
يَنزِعُ عَنۡهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوۡءَٰتِهِمَآۚ﴾ [الأعراف: 27]، إلَى قَولِه تَعالى: ﴿وَأَن
تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ﴾
[الأعراف: 33]، فَأخبرَ أنَّ كَشفَ العَوراتِ ممَّا يَأمرُ بِه إبْليسُ وأتْباعُه.
واليوم
المُستغْربُون مِنَّا يَدعُون إِلى العُري، ونزْعِ الحِجاب، وَإلى الاختلاط بَين
الرِّجال والنِّساء، وَيريدُون بِكلِّ ذَلكَ تَغيير هَذه النِّعمَة التِي أَنعمَ
اللهُ بِها عَلى عِباده المُؤمِنين.
قَال
تَعَالى: ﴿يَٰبَنِيٓ
ءَادَمَ قَدۡ أَنزَلۡنَا عَلَيۡكُمۡ لِبَاسٗا يُوَٰرِي سَوۡءَٰتِكُمۡ وَرِيشٗاۖ
وَلِبَاسُ ٱلتَّقۡوَىٰ ذَٰلِكَ خَيۡرٞۚ ذَٰلِكَ مِنۡ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ لَعَلَّهُمۡ
يَذَّكَّرُونَ﴾ [الأعراف: 26]، فاللِّباسُ
عَلى قِسمَين: مِنهُ مَا هُو لِسترِ العَورَة، وَمنهُ زِينَة يُتجَمَّل بهِ، وَهذا
مِن نِعمِ اللهِ سُبحَانه وتَعالى، فَاللِّباسُ وَالتَّزينُ سِترُ العَورَة مِن
نِعمِ اللهِ، غَير أنَّ المُشركينَ والشَّياطِين مِن الإنْسِ والجِنِّ يَقولونَ:
لِماذَّا التَّشدُّد فِي هَذا وَالأمَم المُتحضِّرة عَلى خِلافهِ لاَ يُبالونَ
بِكشفِ العَورات.
شُبهُ
الصُّوفيَّة بِأهل الجَاهلِيَّة:
قَولُه:
«وَهؤلاءِ قَد يُسمُّون مَا أحْدَثوه مِن
البِدع «حَقِيقة»»، أي: أنَّ الصُّوفيَّة الذِينَ يَبتدِعُون عِبادات لَم
يُشرِّعْها اللهُ، وَيترُكون مَا شَرَعَه اللهُ، وَيقسِّمون الدِّين إلَى حَقيقَة،
وَشَريعَة، وَيقُولون: الحَقيقَة لِلخوَاصِّ، والشَّريعَة لِلعَوامِّ.