والشَّرَفِ، وَكُلٌّ يُحِبُّ الرِّفْعَةَ
والشَّرَفَ لِنَفْسِهِ، ولا يُلامُ على مِثْلِ ذلك، لكن إذا طَغَى هذا الحِرْصُ
على المَالِ والشَّرَفِ عَلَى حُبِّ الدِّينِ وَصَارَ ضَرَرًا على الإنسان،
فَإِنَّ حُبَّ المَالِ يُفْسِدُ الدِّين، ويتزايد أَخْذُهُ للمال، وَطَلَبُهُ له،
ولو كان غَصْبًا، أَوْ نَهْبًا، كما قَالَ صلى الله عليه وسلم: «يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا»
([1])؛
فَفِي ذَلِكَ تَحْذِيرٌ من الحرص الشَّديد على المال، وكذلك قد يقدِّم دينه ثمنًا
لِنَيْلِ الشَّرَفِ والرِّئاسة.
ولا
بَأْسَ أَنَّ الإِنْسَانَ يَفْعَلُ الأسباب المُبَاحَةَ لِطَلَبِ الرِّزْقِ،
وَتَحْصِيلِ المَالِ، وَلَكِنْ يَحْذَرُ من الحرص الشَّديد الَّذي يَحْمِلُهُ على
ارْتِكَابِ الحَرَامِ لأَخْذِ المَالِ، لكن إذا زَادَ حُبُّ المَالِ فِي نَفْسِهِ،
فَقَدْ يَنْسَى دِينَهُ، كالذِّئْبِ إذا تَمَكَّنَ من الغَنَمِ وهي في
الزَّرِيبَةِ؛ أي: في الحَظِيرَةِ الَّتي تَجْمَعُهَا، ولا تَقْدِرُ على الفرار
بِسَبَبِ إحاطة الزَّريبة بها؛ فإنَّ الذِّئْبَ يَفْتِكُ بها. كذلك الحِرْصُ على
المال يُتْلِفُ الدِّين. هذا إذا كان ذئبًا واحدًا، فكيف إذا اجتمع معه ذئب الحِرْصِ
على الشَّرَفِ والرِّئَاسَةِ؟ فإنَّ الفَتْكَ بالدِّين يكون أَشَدَّ.
وهذا مَثَلٌ ضَرَبَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِتَقْرِيبِ المَعْنَى.
الصفحة 1 / 397