×
شرح كتاب العبودية

وَقد أخبر أَنه أرسل جَمِيع الرُّسُل بذلك. فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِيٓ إِلَيۡهِ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعۡبُدُونِ [الأنبياء: 25]، وَقَالَ: ﴿وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ [النحل: 36]،

****

·       وصْفُ اللهِ بِالعُبودِيةِ لَه أكْمَل خَلقِه:

قَولُه: «وَهذا وَنحوهُ مِمَّا فيهِ وَصفُ أكابر المَخلوقاتِ بِالعبَادة..»، أي: هَذا الأَمر هُو وَصفُ أكْمَل الخَلقِ وأفَضل الخَلق بِالعُبوديَّة للهِ مُتعدِّد فِي القُرآن الكَريم فِي موَاضعَ كثِيرَة، مِن المَلائكَة والرُّسلِ والأنْبياءِ والأوْلِياء والصَّالحِين، فَهو مُتعدِّد فِي القُرآنِ، وإِنَّما هَذه نَماذِج مِن الآياتِ التِي ذَكر اللهُ فِيها ذَلك.

وهَذا كُلُّه رَدٌّ عَلى مَن يَزعُم أنَّه يَخرُج أحَد عَن العُبودِيَّة لِفضْلِه ومَكَانتِه كَما تَقُوله الصُّوفِيَّة وَمن اقْتَدى بهِم، فقَولُه تَعَالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِي سَيَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر: 60] فِيه ذَمُّ الخُروج عَن عِبادَة اللهِ، فَالذي يَخرُج عَن عِبادَة اللهِ مُستكْبِر، وَالذِي يَعبُد اللهَ وَيعبُد مَعهُ غَيرُه مُشركٌ، وَكلٌّ مِن المُشرِك والمُستَكْبِر فِي نَار جَهنَّم.

قَولُه: «وَقد أَخبَر أَنَّه أَرسَل جَميع الرُّسُل بِذلكَ»، أي: أَخبرَ اللهُ أنَّه أرْسَل جَميعَ الرُّسلِ بِالعِبَادة وبِالدَّعوَة إلَيهَا، مِن أوَّلِهم إِلى آخِرِهمْ، كُلُّهم يَعبُدون اللهَ ويأمُرُون بِعِبادَة اللهِ؛ فَالذي لا يَعبُد اللهَ يَكونُ مُخالِفًا لِلرُّسلِ.

قَولُه تَعَالى: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٍ، أَي: جَميع الرُّسلِ مِن مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَمن قَبلَهُ أَرسلَهُم اللهُ يَأمُرونَ بِعبادَةِ اللهِ وَحدَه لاَ شَريك


الشرح