لَه،
ويَقولُون لِلنَّاس: قُولوا: لاَ إِلَه إِلا الله، فَهَذا دَعت إِليهِ جَميعُ
الرُّسلِ، فَكُلُّ الرُّسلِ أَمرُوا بِعبادَة اللهِ وَنَهوا عَن عِبَادة غَيرِه،
فَأينَ الذِينَ يَزعُمونَ أَنَّ لَهُم أَن يَخْرجُوا عَن عِبَادة اللهِ لِفضْلِهم
وَمكانَتِهم.
فقَولُه
تَعَالى: ﴿وَلَقَدۡ
بَعَثۡنَا﴾، اللامُ لاَمُ القَسَم، وَ«قَدْ»، لِلتَّحقِيق تَأكِيدًا لِقولِه،
﴿بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ
رَّسُولًا﴾، أي: أرسلْنَا فِي كُل جِيل مِن
النَّاس مِن قَومِ نُوح وَعادٍ وثَمُود وَقومِ إبْرَاهِيم إِلى آخِرِ الأُمَم،
أرسَلْنا إلَيهِم، ﴿رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ
ٱللَّه﴾.
وَهَذَا
هُو الذِي خلَق اللهُ الخَلقَ لأِجلِه، فَقد خَلقَهم لِعبادَتهِ، وَلا يَخرُج عَن
عِبادَة اللهِ أحَدٌ مِن خَلقِه إلا مَن اسْتَكبَر وَالعِياذُ بالله. ﴿وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ﴾،
فَلا يَكفي أن تعْبُد اللهَ، بَل لا بُدَّ مِن اجْتِنَاب الطَّاغُوت وَذلكَ بِتركِ
عِبادَة غَيرِه؛ لأنَّ هُناك مَن يَعبُد اللهَ ويَعبُد مَعهُ غَيرَه.
فالمُشْرِكون
يَعبُدون اللهَ ولكِنَّهم يَعبُدون مَعه غَيرَه، فَيخلِطُون عِبادَتَهم
بِالشِّركِ، فَتكُون عِبادَتهُم بِاطلَة؛ لأَنَّ العِبَادة لاَ تَصحُّ وَلا
تُقبَلُ إِلا إِذا كَانتْ خَالصَةً لِوجْهِ اللهِ عز وجل، لَيس فِيها شِركٌ،
فَكلُّ الرُّسلِ جَاؤوا بِالأمْرِ بالتَّوحِيدِ والنَّهي عَن الشِّرك، وهَذا فِيه
رَدٌّ عَلى الصُّوفِيَّة الذِين يَخرُجون عنْ هَذا ويَترُكون العِبَادة،
وَيزْعُمونَ أنَّهُم لَيسُوا بِحاجَة إلَيهَا؛ لأَنهُم كَمُلُوا وَوصَلوا إِلى
اللهِ.