فَإِنَّهُم يَقُولُونَ: قلب متيم إِذا كَانَ
متعبدًا للمحبوب، والمتيم
****
فالمُشرِك
يُحبُّ مَعبودَاتِه حُبًّا عَظيمًا، فَهوَ لَم يَعبُدْها إِلا لأِنَّه يُحبُّها
وَيذِلُّ لَها، ويُقاتِلُ دُونَها.
قال
الإمام ابْنُ القَيِّم رحمه الله:
وَعِبَادَةُ الرَّحْمَن غاَيَةُ حُبِّهِ **** مَعَ ذُلِّ
عَابِدِهِ هُمَا قُطْبَانِ
وَعَلَيْهِمَا فَلَكُ العِبَادَةِ دَائِرٌ **** مَا
دَارَ حَتَّى قَامَتِ القُطْبَانَ
وَمَدَارُهُ بِالأَمْرِ أَمْرِ رَسُولِهِ **** لاَ
بِالهَوَى وَالنَّفْسِ وَالشَّيْطَانِ
والصُّوفيَّة
يَقولُون: العُبوديَّةُ هِي المَحبَّةُ فَقَط، وَلا يُدخِلُون الخَوفَ والرَّجَاء
فِي العُبودِيَّة، لأَنَّهم يَقولُون: هَذه عبُودِيَّة التُّجَّار، نَحنُ نَعبُد
اللهَ لأَنَّنا نُحبُّه، وَليسَ لأنَّنَا نَخَافه أوْ نَرجُوه.
يَقولُ أحَدهُم: لاَ أعبدُهُ خَوفًا مِن نَارِه وَلا طَمعًا في جَنَّتِه، وَإنمَا أعبُدُه لأنَّني أحِبُّه فَقَط، وَهذا ضَلالٌ مُبينٌ، فَالرُّسلُ عَليهِمُ السَّلامُ يَخافونَ رَبَّهم وَيرجُونَه، قالَ تَعالَى: ﴿إِنَّهُمۡ كَانُواْ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَيَدۡعُونَنَا رَغَبٗا وَرَهَبٗاۖ وَكَانُواْ لَنَا خَٰشِعِينَ﴾ [الأنبياء: 90]، وَقالَ: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحۡذُورٗا﴾ [الإسراء: 57]، فَهم جَمَعوا بَينَ المَحبَّة وَالخَوف والرَّجَاء.