المتعبد، وتيم الله عبده، وَهَذَا على الكَمَال
حصل لإِبْرَاهِيم، وَمُحَمّد صلى الله عَلَيْهِمَا وَسلم، وَلِهَذَا لم يكن لَهُ
من أهل الأَرْض خَلِيل؛ إِذْ الخلَّة لاَ تحْتَمل الشّركَة، فَإِنَّهُ كَمَا قيل
فِي المَعْنى:
قَدْ
تَخَلَّلْتَ مَسْلَكَ الرُّوحِ مِنِّي **** وَبِذَا سُمِيَّ
الخَلِيلُ خَلِيلاً
بِخِلاَف أصل
الحبّ فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم قد قَالَ فِي الحَدِيث الصَّحِيح فِي الحسن
وَأُسَامَة: «اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا وَأَحِبَّ مَنْ
يُحِبُّهُمَا» ([1])،
****
وقوله: «قَلْبٌ مُتَيَّمٌ إذَا كَانَ مُتَعبِّدًا لِلْمَحْبُوبِ»؛
التَّتَيُّم دَرجَة مِن دَرجَات المَحبَّة، يَقولُون: تَيمُ اللهِ أَي حَبيبُ
اللهِ.
قَولُه:
«وَهَذَا على الكَمَال حصل لإِبْرَاهِيم،
وَمُحَمّد صلى الله عَليْهِمَا وَسلم»؛ أي: تَمامُ المَحبَّة وَهُو الخُلَّة
وَقد حَصلتْ لِشخصَينِ فَقط هُما: إِبراهِيم وَمحمَّد عَليهِما الصَّلاة
والسَّلام.
قولُهُ: «وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ خَلِيلٌ؛ إذْ الخلَّةُ لاَ تَحْتَمِلُ الشَّرِكَةَ»؛ أي: لَم يَكن لِمحمَّد صلى الله عليه وسلم خلِيلٌ مِن البَشرِ لأنَّه خَليلُ اللهِ، والخُلةُ التِي بَين اللهِ وبَينَ عَبدِه لاَ تَقبلُ الشَّرِكةِ، ولِذلكَ قَال صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى اللهِ أَنْ يَكُونَ لِي مِنْكُمْ خَلِيلٌ» ([2])، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ خَلِيلاً لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً وَلَكِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللهِ».
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3747).