وَمن هَذَا البَاب قَوْله تَعَالَى: ﴿ٱتۡلُ
مَآ أُوحِيَ إِلَيۡكَ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ﴾ [العنكبوت: 45]، وَقَوله: ﴿وَٱلَّذِينَ
يُمَسِّكُونَ بِٱلۡكِتَٰبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ﴾ [الأعراف: 170]،
وَ«تِلاوة الكِتَاب» هِيَ اتِّبَاعه، كَمَا قَالَ ابْن مَسْعُود فِي قَوْله
تَعَالَى: ﴿ٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ
يَتۡلُونَهُۥ حَقَّ تِلَاوَتِهِۦٓ﴾ [البقرة: 121]، قَالَ: يحلُّون حَلاَله
ويُحرِّمُون حَرَامه، وَيؤمِنون بِمتَشابِهه ويَعمَلون بُمحْكَمه. فَاتبَاع
الكِتابِ يتَنَاوَل الصَّلاَة وَغَيرهَا، لَكِن خَصَّها بِالذِّكر لِمزيَّتِها،
****
قولُه:
«فَليسَ فِيه دِلاَلةٌ عَلى أَنَّ مِن
الغَيبِ مَا أُنزِل إِليكَ وَما أُنزِل مِن قَبلِك»، هَذهِ فَقدْ يَكونُ
المَعطُوف لا يَشمَلُه المَعطُوف عَليهِ، أَو لا يَتنَبَّه السَّامع إِليه؛ فَفي
عَطْفِه عَليه تَنبيهٌ عَلى هَذا الأَمرِ وَبيانُ أنَّه يَدخُل فِي الغَيبِ مَا
أُنزِل عَلى الرُّسُل.
ثالثًا:
«وَقد يَكون المَقصُود أَنهُم يُؤمِنون
بِالمُخبَر بِه وَهُو الغَيبُ، وَبالإِخبَار وَهُو مَا أُنزلَ إِليكَ ومَا أُنزِل مِن
قَبلِك»، أَي: يُؤمِنون بِالخَبر وَهُو مَا يُذكَر عَن المَاضي والمُستَقبَل،
وَبالمُخبَر عَنهُ وَهُو مَا أُنزِل عَليكَ وَما أُنزِلَ مِن قَبْلك.
مِن هَذا البَاب وَهُو عَطفُ الخَاصِّ عَلى
العَامِّ هَذه الآيَات:
قَولُه
تَعَالى: ﴿ٱتۡلُ مَآ أُوحِيَ إِلَيۡكَ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ﴾ [العنكبوت: 45] لَيسَ المَقصُود بِالتِّلاوَة هُنا
مُجرَّد القِراءَة، بَل المَقصُود بِها الاتِّبَاع، مِن تَلا الشَّيءَ أي:
اتَّبَعه، فَإقَام الصَّلاة دَاخلٌ فِي تِلاوَة الكِتاب أَي اتِّبَاعه، وَلكِن
عَطَفه مِن بَاب الاهْتمَام بِإقَام الصَّلاة.