×
شرح كتاب العبودية

وَإِذا فعل مَا فعل من الأَسْبَاب أَو حصل مَا حصل مِنْهَا كَانَ مشاهدًا أَن الله هُوَ الذي خلقهَا وقدرها. وَأَن كل مَا فِي السَّمَوَات وَالأَرْض فَالله ربه ومليكه وخالقه، وَهُوَ مفتقر إلَيْهِ

****

وَهُناك أسَبابٌ جَعلهَا اللهُ تُعينُ، وَلكنَّهَا لَيستِ الإِعانَةُ المُطلقَةُ، وِإنَّما هِي أسْبابٌ قَد تُفيدُ وَقد لاَ تُفيد.

فَمنْ أَحبَّ اللهَ، وَأحبَّ فِي اللهِ ولِلهِ، فَهوَ الذِي وُفِّق لِعبادَة رَبِّه، وَالاتِّصالِ بِربِّه، أمَّا إِذا كَان يُحبُّ لِغيرِ اللهِ وَيرجُو غَير اللهِ ويَتعلَّقُ بِغيرِ اللهِ فَإنَّ اللهَ يَكلُه لِغيرِه، وَفي الحَديثِ: «مَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيهِ»؛ فَمن تَعلَّق بِاللهِ كَفاهُ اللهُ، وَاللهُ حَسبهُ، ﴿وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُۥٓۚ [الطلاق: 3]، ومَن تَوكَّل عَلى غَيرِ اللهِ واعْتمدَ عَلى غيرِ اللهِ؛ فإنَّ اللهَ يَكلهُ إِلى غَيرِه، وَكلُّ مَا سِوى اللهِ فَهوَ عَاجزٌ وَفقيرٌ.

فَمعنَى العُبوديَّةِ أَن يُعلِّق الإِنسانُ أُمورَه بِاللهِ، فَعَلِّق أُمورَك وَأطمَاعَك ورَجَاءكَ وَخَوفكَ وَمحبَّتَك بِاللهِ عز وجل: ﴿قُلۡ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحۡيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ١٦٢لَا شَرِيكَ لَهُۥۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرۡتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ ١٦٣ [الأنعام: 162- 163]، وَخذْ بِالأسْبَاب النَّافعَة المُفيدَة التِي تُعينُك عَلى ذلك.

قَولُه: «وَإذَا فَعل مَا فَعلَ مِن الأسْبَاب أَو حصَّل مَا حصَّلَ مِنهَا كَان مُشاهِدًا أَنَّ اللهَ هُو الذِي خَلقهَا وَقدَّرهَا»: فالأسْبَاب لاَ بُدَّ أن يُعتَقدَ أَنَّ اللهَ هُو الذِي خَلقَها، فَهُو مُسبِّبُ الأسْبابِ، هُو الذِي خَلَق هَذهِ الأَسبابَ وَأوجَدهَا لِتستَعينَ بِها وَتستعْمِلَها فِي طَاعتِهِ، فَهي فَضلٌ مِن اللهِ سبحانه وتعالى.


الشرح