إِلَيۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ
وَجِهَادٖ فِي سَبِيلِهِۦ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّىٰ يَأۡتِيَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦۗ﴾ [التوبة: 24]، الإنسانُ يُحِبُّ هذه الأشياء الثمانية:
الآباء، والأبناء، والإخوان، والأزواج، والعشيرة، والأموال، والتجارة، والمساكن،
يحب هذه الأشياء محبة طبيعية، ولا يُلام على ذلك، ولكن إن قدَّمَها على محبةِ
الله، أي: قدَّم ما تُحِبُّه نفسُه على ما يُحِبُّه الله؛ فإنه يكونُ عاصيًا لله،
أمَّا إذا أحبَّها ولم يُقدِّمْها على ما يُحبُّه الله؛ فإنه لا يُلامُ على هذا؛
فالذين تخَلَّفوا عن الهجرةِ من أجْلِ الشُّحِّ بأوطانِهم أو محبةً لأموالِهم،
توعدهم اللهُ فقال: ﴿فَتَرَبَّصُواْ
حَتَّىٰ يَأۡتِيَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦۗ﴾؛
أي: انتظروا ما يَحِلُّ بكم ولذلك ترَكَ المهاجرون أموالَهم وديارَهم وخرجوا وليس
معهم شيء، مع أنهم يُحبُّون هذه الأشياء. ولكنَّهم تركوها للهِ عز وجل، فقدَّموا
ما يُحبُّه اللهُ على ما تُحِبُّه نفوسُهم؛ ولذلك نالوا الشرفَ والثناءَ والجزاءَ
العظيمَ من اللهِ سبحانه وتعالى، وأشادَ اللهُ بذكرِ المهاجرين في القرآن؛ لأنَّهم
تركوا أولادَهم وأوطانَهم وأموالَهم وآثرُوا رضا اللهِ سبحانه وتعالى، فمَنْ
أحَبَّ مَحْبُوباتِه وقدَّمها على مَحبةِ الله؛ فإنه داخلٌ في الوَعيد، وأمَّا مَن
قدَّم محبةَ اللهِ على مَحْبُوباتِه؛ فهذا الصادِقُ في إيمانِه، وله الجَزاءُ
الحَسَنُ من الله.
الصفحة 2 / 397