وَلِهَذَا يمِيل هَؤُلاَءِ إلى سماع الشِّعْر
والأصوات التِي تهيج المحبَّة المُطلقَة التِي لاَ تخْتَص بِأَهْل الإِيمَان، بل
يشْتَرك فِيهَا محب الرَّحْمَن، ومحب الأَوْثَان ومحب الصُّلبان ومحبُّ الأوطان،
ومحبُّ الإخْوان ومحب المردان ومحب النسوان. وَهَؤُلاَء الذين يتبعُون أذواقَهم
ومَواجِيدَهم من غير اعْتِبَار لذَلِك بِالكتاب وَالسّنة وَمَا كَانَ عَلَيْهِ سلف
الأمة.
فالمخالف لما بعث
بِهِ رَسُوله من عِبَادَته وطاعته وَطَاعَة رَسُوله لاَ يكون مُتبعًا لدين شَرعه
الله، أبدًا كَمَا قَالَ تَعَالَى، ﴿ثُمَّ جَعَلۡنَٰكَ
عَلَىٰ شَرِيعَةٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ فَٱتَّبِعۡهَا وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَ ٱلَّذِينَ
لَا يَعۡلَمُونَ ١٨إِنَّهُمۡ لَن يُغۡنُواْ عَنكَ مِنَ ٱللَّهِ شَيۡٔٗاۚ وَإِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ
بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۖ وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلۡمُتَّقِينَ ١٩﴾ [الجاثية: 18-
19]، إِلَى قوله: ﴿وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلۡمُتَّقِينَ﴾
****
قَال الشَّيخُ: «وَلهَذا يَميلُ هَؤلاءِ إِلى سَماعِ الشِّعرِ وَالأصْواتِ
التِي تُهيِّج المَحبَّة المُطلقَة»، حَرَم اللهُ جل وعلا هؤلاءِ
مِن لَذِّة القُرآنِ وَالاسْتِماعِ لِلقُرآنِ، وصرفَهُم إِلى الشِّعرِ وَإلى
الأغَانِي وَالمَزاميرِ وَغيرِ ذَلك؛ ولِذَلكَ يَتَّخذُ المُتصوِّفة الرَّقصَ
والغِنَاء والطُّبولَ عِبادَة، يُقيمُونها حتَّى فِي المَساجِد، نَسألُ اللهَ
العافيَةَ، لأَنَّهُم يُحبُّونَها وَتوافِق أهْواءَهم.
قولُهُ:
«التِي لاَ تَختَصُّ بِأهلِ الإيمَان، بَل
يَشتَرك فِيها مُحبُّ الرَّحمن، وَمُحبُّ الأوْثَان...»؛ أي: الأصْواتُ التِي
تُهيِّج المَحبَّة المُطلقَة لاَ يَختصُّ بِالميلِ إليهَا المُؤمِنونَ، لَكن مَع
الفَرقِ؛ فالمُؤمِنونَ يُحبُّون الأصْوَات الطَّيبَة، وغَيرهُم يُحبُّون الأصْوَات
الخَبيثَة.
الصفحة 6 / 397