بل يكون مُتبعًا لهواه بِغَيْر هدى من الله، قَالَ
تَعَالَى: ﴿أَمۡ لَهُمۡ شُرَكَٰٓؤُاْ
شَرَعُواْ لَهُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمۡ يَأۡذَنۢ بِهِ ٱللَّهُۚ﴾ [الشورى: 21]،وهم
فِي ذَلِك تَارَة يكونُونَ على بِدعَة يسمونها حَقِيقَة يقدمونها على مَا شَرعه
الله، وَتارَة يحتجون بِالقدرِ الكوني على الشَّرِيعَة، كَمَا أخبر الله بِهِ عَن
المُشْركين كَمَا تقدم.
****
قَولُه: «بَل يَكون مُتَّبعًا لهَواه بِغير هُدى مِن اللهِ»، فالتَّشريعُ
حَقٌّ للهِ جل وعلا، والعِبادَة حَقٌّ للهِ هُو الذِي يُشرِّعُهَا وَيأمُر بِها،
وأمَّا العِبادَة التِي لَم يُشرِّعْها اللهُ ممَّا يُسمُّونه بِالحقِيقة فَهذه
بِدعَة، وَليسَتْ مِن شَرع اللهِ سبحانه وتعالى.
قَال
تَعَالى: ﴿أَمۡ
لَهُمۡ شُرَكَٰٓؤُاْ شَرَعُواْ لَهُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمۡ يَأۡذَنۢ بِهِ ٱللَّهُۚ﴾: هَذا استِنْكَار، فَهؤلاءِ الشُّركاء شَرعُوا لَهم
دِينًا غَير الدِّينِ الذِي جَاءَ بِه مُحمَّد صلى الله عليه وسلم الذِي هُو
شَرعٌ، ﴿شَرَعُواْ
لَهُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمۡ يَأۡذَنۢ بِهِ ٱللَّهُُۚ﴾،
هَذا إِنكارٌ مِن اللهِ سبحانه وتعالى أنْ يَكُون لَهُم دِينٌ غَير مَا شَرَعه
اللهُ وَجَاء بهِ رَسولُه مُحمَّد صلى الله عليه وسلم.
وكَذَلك
تَركُ العِبادَة والاحْتِجَاج بالقَدر لَم يُشرِّعْه اللهُ، وهُوَ مَعنى قَولِه:
«وتَارَة يَحتجُّون بالقَدَر الكونِي عَلى
الشَّريعَة»، فَيقولُون: ﴿لَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ أَشۡرَكۡنَا﴾ [الأنعام: 148].
وأهْلُ
الحَقِّ يَجمَعون بَين العَملِ بالشَّرِيعة، وَبينَ الإيمَانِ بِالقَضاءِ
والقَدَر، وَيقولُون: لاَ تَنَافي وَلا تَعَارض بَينَهُما.
الصفحة 2 / 397