العبودية
سُئِلَ الشَّيْخُ
رحمه الله عَنْ قَوْلِهِ عز وجل: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ
ٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ﴾ [البقرة: 21].
****
الحمدُ
للهِ ربِّ العالمين، وصلَّى اللهُ وسلَّم على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه
أجمعين، أما بعد:
العبادةُ
كلمةٌ عظيمةٌ ومعنى جليل، وهي الحكمةُ التي خلقَ اللهُ الخلْقَ من أجلِهَا، كما
قَال تعالى: ﴿وَمَا
خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ﴾
[الذاريات: 56]، واللهُ إِنَّمَا خلَقَ الخلْقَ لأجْلِ أن يَعبدوا ولا يُشركوا به
شيئًا، وقام بأرزاقِهم وما يحتاجون إليه من أجلِ أن يستعينوا بذلك على عبادتِه
وحدَه لا شريكَ له، وأولُ نداءٍ في المصحفِ قولُه تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ
ٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ
٢١ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَٰشٗا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءٗ وَأَنزَلَ مِنَ
ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزۡقٗا لَّكُمۡۖ فَلَا تَجۡعَلُواْ
لِلَّهِ أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ٢٢﴾
[البقرة: 21- 22]. هذا أولُ نداءٍ في المصحفِ الشريفِ من اللهِ سبحانَه لجميعِ
الناس، لا يَختَصُّ به أحدٌ دونَ أحد، كلُّ الناسِ مأمورون بعبادةِ الله، لا أحدَ
يَخرُجُ عن هذا؛ لا الرسلُ ولا الأنبياءُ ولا الصالحون والأولياءُ ولا عامَّةُ
الناس، كلُّهم مُوجَّهٌ إليهم هذا النداء، بل فإنه نداءٌ للناسِ جميعًا، مُسلمُهم
وكافرُهم، ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلنَّاسُ﴾، كلمةٌ عامةٌ لجميعِ
الناسِ، فكلُّ الناسِ عبادٌ للهِ إمَّا عبوديةُ قهْرٍ وإمَّا عبوديةُ اختيار ﴿إِن كُلُّ مَن
فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ إِلَّآ ءَاتِي ٱلرَّحۡمَٰنِ عَبۡدٗا﴾ [مريم: 93] باختلافِ أصنافِهم