×
التعليق المختصر على القصيدة النونية الجزء الثالث

أنهارُها في غيرِ أُخْدُودٍ جَرَتْ  ****  سُبْحانَ مُمْسِكِها عن الفَيَضانِ

مِنْ تَحْتِهِمْ تَجري كَمَا شَاؤوا مُفَجْـ  ****  جَرَةٌ وما للنَّهْرِ مِنْ نُقصانِ

عَسَلٌ مُصَفَّى ثمَّ ماءٌ ثمَّ خَمْـ  ****  ـرٌ ثُمَّ أنهارٌ مِن الألبانِ

واللهِ ما تلكَ الموادُ كهذِهِ  ****  لَكِنْ هما في اللفظِ مُجتمعانِ

هَذا وبَينَهُما يَسيرُ تَشابُهٍ  ****  وهو اشتراكٌ قامَ بالأذهانِ

****

 وَلِذا قَال: ﴿لَذَّةٖ لِّلشَّٰرِبِينَ [الصافات: 46] وفِي الآَيَة الأُخْرى: ﴿لَا فِيهَا غَوۡلٞ وَلَا هُمۡ عَنۡهَا يُنزَفُونَ [الصافات: 47].

فالغَولُ: هُو السُّكْر، فَهِي لا تَغتَال العَقلَ، وَلا يَحصلُ مِن آثَارهَا شَيءٌ ﴿وَلَا هُمۡ عَنۡهَا يُنزَفُونَ [الصافات: 47].

فَلا تَتصدَّع رُؤوسُهم بِخِلاف خَمرِ الدُّنيَا، فَلا يُنزفون فِي عُقُولِهم وَلا أمْوَالِهم بِخلافِ خَمر الدُّنيا، فَاللهُ تَعَالى نَفى عَن مَشارِب الجَنَّة كُلَّ الآفاتِ التِي تَكونُ فِي مشَارِب الدُّنيا؛ لأنَّ الجَنَّة لَيس فِيها مُكدِّر.

تَشتَرِكُ مَعَ أنْهارِ الدُّنيَا فِي الاسْمِ والمَعْنى، وأمَّا في الحَقيقَةِ فإنَّها تخْتلِفُ تَمامًا.

***


الشرح