فَصلٌ: فِي التَّفاوتِ بَين حَظِّ المُثبتين
والمعطِّلين
مِن وَحْي رَبِّ العَالمِينِ
****
أَرادَ المُصنِّف رحمه الله بِهذا الفَصلِ أن
يُبيِّن انْتِفاعَ أهْل السُّنةِ والجمَاعَةِ مِن نُصوصِ الِكتابِ والسُّنَّة
واهتداءَهم بهما، ويُبيِّن مَا حُرِم المعَطِّلةُ من الانْتِفَاع بالوَحيَين،
وأنَّهم اتَّبعُوا غَير الكِتابِ والسُّنة فَلم يَنتفِعُوا مِنهُما، بَل إنَّهم
صَار حظَّهُم مِن الكِتَاب والسُّنَّة هُو العَبثُ والتَّأويلُ والتَّحريف
لِتوافِقَ مَذاهِبَهم.
فَهُم
لا يَعتَمدون عَلى الكِتابِ والسُّنَّة، وإنَّما يَعتَمدون عَلى القَواعدِ التِي
قَعَّدُوها لأنْفُسهِم مِن عِلم المَنطِق والجَدلِ والكَلامِ؛ لأنَّهم يقولون:
إنَّها قواعد عقلية يقينية، وأمَّا مَا جاء في الكِتَاب والسُّنة فإنَّه إذَا جَاء
بمَا يُخالِفُ هذِه القَواعد المَنطِقيَّة فإنَّهم لا يقبَلُونَه وإنَّما يُحرفونه
عَن مَعانيهِ الصَّحيحَة ليوافق مذهبهم.
وما
عجزوا عن تَحرِيفه فَوَّضُوهُ وقَالوا: هذا مِن المُتَشابهِ الذي لا يَعلَم
تَأوِيلَه إلاَّ اللهُ، مَا وَافق مَذهَبهُم قَبِلوهُ؛ لاَ لأنَّه مِن الكِتَاب
والسُّنَّة، بَل لأنَّه يُوافق مَذهَبهُم، فَهذا هُو مَوقفُهم مِن الكِتابِ
والسُّنَّة.
أمَّا
علَمَاء المُسلمين فَإنَّهم يَقبلُون كُلَّ مَا جَاء فِي الكِتَاب والسُّنَّةِ
عَلى ما جَاء وَعَلى مَعنَاهُ، وَلا يُحرِّفُونه ولا يُؤوِّلونَه، بَل يُبقُونَه
عَلى ما دلَّ علَيهِ وَعَلى ظَاهرِه.
الصفحة 1 / 495
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد