فَصلٌ: فِي ظُهورِ الفَرق المُبين بَين دَعوَة
الرُّسُل
وَدَعْوةِ المُعطِّلِينِ
****
وَالفَرْقُ
بَيْنَ الدَّعْوَتَينِ فَظَاهِرٌ **** جِدًّا لِمَنْ كَانَتْ لَهُ أُذُنَانِ
****
هَذا الفَصلُ لِبَيان الفَرقِ بَين دَعوةِ
الرُّسلِ - عَليهِم الصَّلاة والسَّلامُ - ودعْوَة المُعطِّلين لأسْمَاء اللهِ
وصِفَاته مِن الجهْميَّة والمُعتزِلَة والأشَاعِرة، وَكُل مَن عَطَّل شَيئًا مِن
الأسْماءِ والصِّفات.
ويتَّضِح
الفَرقُ: فِي أنَّ الرُّسلَ - عَليهِم الصَّلاةُ والسَّلام - أثْبَتُوا للهِ
تَعالَى هَذه الأسْمَاء والصِّفات عَلى وَجه التَّفصِيل، وَنَفوا عَنه النَّقصَ
عَلى سَبيلِ الإجْمَال؛ ﴿لَيۡسَ
كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ﴾
[الشورى: 11] ﴿هَلۡ
تَعۡلَمُ لَهُۥ سَمِيّٗا﴾
[مريم: 65] ﴿فَلَا
تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا﴾
[البقرة: 22] ﴿وَلَمۡ
يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ﴾ [الإخلاص: 4]؛ فالرُّسلُ جَاءوا بِإثباتٍ مُفصَّل
لِلأسْمَاء والصِّفاتِ، وَبنفْي مُجملٍ للنَّقَائص والعُيوب.
وأمَّا
المُعطِّلة فَهُم عَلى النَّقيض جَاءوا بإثباتٍ مُجمَلٍ وَنفي مفَصَّل عَكس دَعوة
الرُّسلِ، فَنفوا عَنِ اللهِ تعَالى كُلَّ مَا أثْبَته لِنفسِه أوْ أثْبتَه لَه
رَسولُه صلى الله عليه وسلم عَلى وَجه التَّفصِيل، وَأثْبتوا وُجودَ اللهِ تَعَالى
عَلى وَجه الإِجْمَال، فَلم يُثبِتوا للهِ تَعَالى إِلاَّ ذَاتًا مُجرَّدة عَن
الأَسمَاء والصِّفات، وَقَالوا: مَوجودٌ مُطلقٌ بِشرط الإِطلاق.
الفَرقُ
بَين دَعوةِ الرُّسلِ وَدعْوةِ المُعطِّلينَ وَاضحٌ لِمن كَانتْ لَه أُذنانِ
يَسمعُ بِهما الحَقُّ، أمَّا الذِي أصَمَّ أذُنيهِ عَن سَماعِ الحَقِّ وعَمَّا
جَاءت بهِ الرُّسلُ فَهَذا لا فَائدَة مِنهُ.
الصفحة 1 / 495