فَصْلٌ: في إقامةِ المَأتَم على المُتَخَلِّفين
عن
رفقةِ السابقينِ
****
لما فرَغ الشيخُ رحمه الله من ذِكْرِ الْجَنة
وما فيها من أنواعِ النعيمِ والسرور والمَلَذَّات وطيبِ العَيْش والخلود الدائم
ورِضا اللهِ تعالى، ناسَب أن يذكُرَ أحوالَ الناسِ في سَيرِهم إلى هذه الجنةِ
وطلبِهم لها، فصنَّفهم إلى ثلاثةِ أصناف:
الصِّنفُ
الأول: أهلُ الإيمانِ والعملِ الصالح الذين شمَّروا في طلبِ
هذه الجنة، وصَبَروا على المَشَاق والأعمالِ الصالحةِ في هذه الدنيا، وهجَرُوا
ملذَّاتِ الدنيا طمعًا فيما عندَ اللهِ تعالى.
الصِّنفُ
الثاني: أهلُ الكفرِ والإلحادِ الذين لا يُؤمنون بهذه الجَنة،
ولا يُؤمنون بالبعثِ والحِساب، وإنَّما هم دَهْريون يَظُنون أنه لا عيشَ إلا هذه
الدنيا فقط.
والصِّنف الثالث: الذين يؤمنون بالجنةِ والبَعثِ والنُّشور ولكن تغلِبُهم شهواتُهم والكسلُ عن العملِ الصالح، فهم يؤمنون بهذه الجنةِ وما جاء فيها، ولكن لا يستعدون لها بالأعمالِ الصالحة، وتغلِبُهم أنفسُهم وشهواتُهم والشياطين، ويتكاسَلون عن طلبِ هذه الجَنة، فالإنسانُ ينظُر نفسه مع أي هذه الفرق، وأما المَأْتَم فمعناه: الحُزن، وذلك أن من عادةِ الناسِ أنهم إذا مات لهم ميِّتٌ فإنهم يَحْزنون عليه وربَّما حصَل منهم جزعٌ وتسَخُّطٌ ونِيَاحة، ويُقيمون مآتِمَ يبكون فيها على الميِّت، فالشيخُ رحمه الله شبَّه الذين فاتَتْهم الجنةُ بالذين يَموتون وتُقامُ عليهم المَآتِمُ حزنًا عليهم.
الصفحة 1 / 495
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد