×
التعليق المختصر على القصيدة النونية الجزء الثالث

فَصلُ: فِي تَلازُم التَّعطِيل والشِّركِ

****

واعْلَمْ بِأنَّ الشِّرْكَ وَالتَّعطِيلَ مُذْ  ****  كَانَا هُمَا لاَ شَكَّ مُصْطَحِبَانِ

****

 النَّفيُ والجُحودُ: هُو التَّعطِيل، والشِّركُ: إِثباتُ الشَّريكِ للهِ سبحانه وتعالى فِي عِبادَته.

·       والتَّعطِيل عَلى قِسمَين:

الأوَّل: تَعطِيلٌ لِلكَون عَن خَالقِه، كَتعطِيلِ فِرعَون وَتعْطِيل النَّمرُوذ والدَّهرِيَّة الذِين قَالوا ﴿مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا ٱلدُّنۡيَا نَمُوتُ وَنَحۡيَا وَمَا يُهۡلِكُنَآ إِلَّا ٱلدَّهۡرُۚ [الجاثية: 24]، وَهؤلاءِ رَدَّ اللهُ علَيهِم بِقولِه: ﴿وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنۡ عِلۡمٍۖ إِنۡ هُمۡ إِلَّا يَظُنُّونَ [الجاثية: 24]، وقولِه تَعَالى: ﴿أَمۡ خُلِقُواْ مِنۡ غَيۡرِ شَيۡءٍ أَمۡ هُمُ ٱلۡخَٰلِقُونَ ٣٥أَمۡ خَلَقُواْ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۚ بَل لَّا يُوقِنُونَ ٣٦ [الطور: 35، 36].

وهَذا بُرهانٌ عَقليٌّ؛ وَلذا لَمَّا سَمع جُبيرُ بْن مُطعِم رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتلُو هَذه الآيَة فِي صَلاة المَغربِ وَكان كَافرًا حِينذاك فَفكَّر وَقال: «كَادَ قَلْبِي أَنْ يَطِيرُ» ([1])؛ لأنَّه عَربي فَصيحٌ يَفهم عَظمَة هَذا البُرهَان.

الثَّاني: مُعطِّلة الخَالقِ عَن أسْمَائهِ وصِفاتِه، وَهُم الجَهمِيَّة والمُعتزِلَة والأشَاعِرة؛ لأنَّ التَّعطيل أصْلُه إخْلاَء الشَّيء.

كَما تَقُول: امْرأةٌ عَاطِل، يَعني: خَالِية مِن الحُلِي، والمُعطِّل مُشركٌ لأنَّ الخَلقَ لابُدَّ لَهُم مِن رَبٍّ يَدعونَه وَيسألُونَه ويَرفَعون حَوائِجهُم إِليه،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (4854).