×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 وَثَبَتَ عَنْ أَنَسٍ فِي الصَّحِيحِ: أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ أَبِي؟ قَالَ: «فِي النَّارِ»، فَلَمَّا قَفَّى دَعَاهُ، فَقَالَ: «إنَّ أَبِي وَأَبَاك فِي النَّارِ».

**********

الشرح

هذا رجل سأل الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «أَيْنَ أَبِي؟» وأبوه كان مشركًا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فِي النَّارِ»؛ لأن المشرك في النار، وما كان ينبغي لهذا الرجل أن يسأل، قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَسۡ‍َٔلُواْ عَنۡ أَشۡيَآءَ إِن تُبۡدَ لَكُمۡ تَسُؤۡكُمۡ [المائدة: 101]، فلما سأل أجابه الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن حق السائل أن يجاب لا سيما في مسائل العلم، قال له: «فِي النَّارِ» معناه: أنه لا يجوز لك أن تستغفر له، ولا أن تدعو له؛ لأنه كافر، ويجب عليك أن تتبرأ منه.

قوله: «فَلَمَّا قَفَّى دَعَاهُ» أي: فلما ولى أدركت النبي صلى الله عليه وسلم الرحمة بهذا السائل، وأنه حصل له استياء حين عرف أن أباه في النار، فأراد صلى الله عليه وسلم بحسن خلقه أن يجبر خاطر هذا الرجل، فدعاه، فقال: «إِنَّ أَبِي» أي: أبو الرسول صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عبد المطلب، «وَأَبَاكَ فِي النَّارِ».

فأبو الرسول صلى الله عليه وسلم في النار؛ لأنه مات على الشرك، فهذا مما طيب به خاطر هذا الرجل، إذا كان والد الرسول في النار، فكيف بغيره؟

فمن مات على الشرك فهو في النار ولو كان والدًا للرسول صلى الله عليه وسلم.

فقوله: «إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ» مع قوله: «اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي» يدل على أن أبوي الرسول ماتا كافرين، وأن من قال: إنهما أسلما قول باطل لا دليل عليه.


الشرح