وَهَذَا قَدْ وَقَعَ كَثِيرًا لِطَوَائِفَ مِنْ
جُهَّالِ الْعِبَادِ يَظُنُّ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَرَى اللَّهَ تَعَالَى
بِعَيْنِهِ فِي الدُّنْيَا لأَِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ رَأَى مَا ظَنَّ أَنَّهُ
اللَّهُ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ. وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ رَأَى مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ
نَبِيٌّ أَوْ رَجُلٌ صَالِحٌ أَوْ الْخَضِرُ وَكَانَ شَيْطَانًا.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صلى
الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي حَقًّا
فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَتَمَثَّلُ فِي صُورَتِي» ([1]). فَهَذَا فِي رُؤْيَةِ الْمَنَامِ لأَِنَّ الرُّؤْيَةَ فِي الْمَنَامِ
تَكُونُ حَقًّا وَتَكُونُ مِنْ الشَّيْطَانِ فَمَنَعَهُ اللَّهُ أَنْ يَتَمَثَّلَ
بِهِ فِي الْمَنَامِ وَأَمَّا فِي الْيَقَظَةِ فَلاَ يَرَاهُ أَحَدٌ بِعَيْنِهِ
فِي الدُّنْيَا. فَمَنْ ظَنَّ أَنَّ الْمَرْئِيَّ هُوَ الْمَيِّتُ فَإِنَّمَا
أُتِيَ مِنْ جَهْلِهِ وَلِهَذَا لَمْ يَقَعْ مِثْلُ هَذَا لأَِحَدِ مِنْ
الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ. وَبَعْضُ مَنْ رَأَى هَذَا -
أَوْ صَدَّقَ مَنْ قَالَ أَنَّهُ رَآهُ - اعْتَقَدَ أَنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ
يَكُونُ بِمَكَانَيْنِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ فَخَالَفَ صَرِيحَ الْمَعْقُولِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ هَذِهِ رَقِيقَةُ ذَلِكَ
الْمَرْئِيِّ أَوْ هَذِهِ رُوحَانِيَّتُهُ أَوْ هَذَا مَعْنَاهُ تَشَكَّلَ وَلاَ
يَعْرِفُونَ أَنَّهُ جِنِّيٌّ تَصَوَّرَ بِصُورَتِهِ.
**********
الشرح
قوله: «جُهَّالِ الْعِبَادِ». أي:
الصوفية الذين يعبدون الله بغير علم ولا بصيرة.
قوله: «لأَِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ رَأَى مَا ظَنَّ أَنَّهُ اللَّهُ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ». لأنه ليس عنده علم، فظن أن هذا هو الله، أو اعتقد أن هذا هو الله، أما الذي عنده علم مثل عبد القادر، فإنه دحر الشيطان وأصغره، وهذا يدل على فضل العلم، وعلى أن المسلم بحاجة إلى العلم
الصفحة 1 / 690
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد