وَمِنْ هَذَا أَيْضًا
الْحَدِيثُ الَّذِي فِي السُّنَنِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ
قَالَ: «إنَّ اللَّهَ لَوْ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ
لَعَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ. وَلَوْ رَحِمَهُمْ لَكَانَتْ
رَحْمَتُهُ لَهُمْ خَيْرًا مِنْ أَعْمَالِهِمْ» ([1]). الْحَدِيثَ.
وَمَنْ
قَالَ: بَلْ لِلْمَخْلُوقِ عَلَى اللَّهِ حَقٌّ فَهُوَ صَحِيحٌ إذَا أَرَادَ بِهِ
الْحَقَّ الَّذِي أَخْبَرَ اللَّهُ بِوُقُوعِهِ فَإِنَّ اللَّهَ صَادِقٌ لاَ
يُخْلِفُ الْمِيعَادَ وَهُوَ الَّذِي أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِحِكْمَتِهِ
وَفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ وَهَذَا الْمُسْتَحِقُّ لِهَذَا الْحَقِّ إذَا سَأَلَ
اللَّهَ تَعَالَى بِهِ يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى إنْجَازَ وَعْدِهِ أَوْ
يَسْأَلُهُ بِالأَْسْبَابِ الَّتِي عَلَّقَ اللَّهُ بِهَا الْمُسَبَّبَاتِ
كَالأَْعْمَالِ الصَّالِحَةِ فَهَذَا مُنَاسِبٌ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُسْتَحِقِّ
لِهَذَا الْحَقِّ إذَا سَأَلَهُ بِحَقِّ ذَلِكَ الشَّخْصِ فَهُوَ كَمَا لَوْ
سَأَلَهُ بِجَاهِ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَذَلِكَ سُؤَالٌ بِأَمْرِ أَجْنَبِيٍّ عَنْ
هَذَا السَّائِلِ لَمْ يَسْأَلْهُ بِسَبَبِ يُنَاسِبُ إجَابَةَ دُعَائِهِ.
وَأَمَّا
سُؤَالُ اللَّهِ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ الَّتِي تَقْتَضِي مَا يَفْعَلُهُ
بِالْعِبَادِ مِنْ الْهُدَى وَالرِّزْقِ وَالنَّصْرِ. فَهَذَا أَعْظَمُ مَا
يُسْأَلُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ. فَقَوْلُ الْمُنَازِعِ: لاَ يُسْأَلُ بِحَقِّ
الأَْنْبِيَاءِ فَإِنَّهُ لاَ حَقَّ لِلْمَخْلُوقِ عَلَى الْخَالِقِ مَمْنُوعٌ.
فَإِنَّهُ
قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيثُ مُعَاذٍ الَّذِي تَقَدَّمَ إيرَادُهُ
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿كَتَبَ رَبُّكُمۡ
عَلَىٰ نَفۡسِهِ ٱلرَّحۡمَةَ﴾ [الأنعام: 54]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيۡنَا
نَصۡرُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾ [الروم: 47].
فَيُقَالُ
لِلْمُنَازِعِ: الْكَلاَمُ فِي هَذَا فِي مَقَامَيْنِ:
أَحَدُهُمَا:
فِي حَقِّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ.
وَالثَّانِي:
فِي سُؤَالِهِ بِذَلِكَ الْحَقِّ.
**********
الشرح
قوله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللَّهَ لَوْ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ لَعَذَّبَهُمْ وَهُوَ
الصفحة 1 / 690