×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 وَلَكِنْ كَثِيرٌ مِنْ الْعَوَامِّ يُطْلِقُونَ هَذَا اللَّفْظَ وَلاَ يُرِيدُونَ هَذَا الْمَعْنَى فَهَؤُلاَءِ الَّذِينَ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ مَنْ أَنْكَرَ. وَهَذَا كَمَا أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يُرِيدُونَ بِالتَّوَسُّلِ بِهِ التَّوَسُّلَ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ وَهَذَا جَائِزٌ بِلاَ نِزَاعٍ ثُمَّ إنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ فِي زَمَانِنَا لاَ يُرِيدُونَ هَذَا الْمَعْنَى بِهَذَا اللَّفْظِ. فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ يَقُولُ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ بِحَقِّ الرَّحِمِ قِيلَ: الرَّحِمُ تُوجِبُ عَلَى صَاحِبِهَا حَقًّا لِذِي الرَّحِمِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ [النساء: 1]، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «الرَّحِمُ شَجْنَةٌ ([1]) مِنْ الرَّحْمَنِ مَنْ وَصَلَهَا وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعَهُ اللَّهُ» ([2]).

وَقَالَ: «لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الرَّحِمَ تَعَلَّقَتْ بِحَقْوَيْ الرَّحْمَنِ ([3])، وَقَالَتْ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِك مِنْ الْقَطِيعَةِ فَقَالَ: أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَك وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَك؟ قَالَتْ: بَلَى قَدْ رَضِيت» ([4]).

**********

الشرح

قوله: «وَلَكِنْ كَثِيرٌ مِنْ الْعَوَامِّ يُطْلِقُونَ هَذَا اللَّفْظَ وَلاَ يُرِيدُونَ هَذَا الْمَعْنَى». أي: لا يريدون الطاعة، ولا الاتباع، والإيمان بالرسول، وإنما يريدون التوسل بالممنوع، وهذا لا يجوز، كالتوسل بدعاء الرسول بعد موته، أو طلب الاستغفار منه صلى الله عليه وسلم بعد موته، هذا إنما كان جائزًا في حياته، فكانوا يطلبون من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله لهم بحاجاتهم وسقيا المطر، فكان يدعو لهم صلى الله عليه وسلم، وكانوا يطلبون منه الاستغفار، فيستغفر لهم صلى الله عليه وسلم، فهذا مشروع في حياته صلى الله عليه وسلم،


الشرح

([1])  شجنة: أي قرابة مشتبكة كاشتباك العروق والأغصان، انظر: غريب الحديث للقاسم بن سلام (1/ 209).

([2])  أخرجه: الترمذي رقم (1924).

([3])  الحقو: الخصر، وهو موضع شد الإزار، انظر: تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي (ص389).

([4])  أخرجه: البخاري رقم (4830).