وَلِهَذَا أُمِرَ
الْمُصَلِّي أَنْ يَدْعُوَ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ
الْمُتَضَمِّنِ الثَّنَاءَ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ. وَقَالَ النَّبِيُّ صلى
الله عليه وسلم لِمَنْ رَآهُ يُصَلِّي وَيَدْعُو وَلَمْ يَحْمَدْ رَبَّهُ وَلَمْ
يُصَلِّ عَلَى نَبِيِّهِ فَقَالَ: «عَجِلَ هَذَا» ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ: «إذَا
صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِحَمْدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ
وَلْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلْيَدْعُ بَعْدُ بِمَا شَاءَ» ([1]). [أَخْرَجَهُ
أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِي وَصَحَّحَهُ].
وَقَالَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: كُنْت أُصَلِّي وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ مَعَهُ فَلَمَّا جَلَسْت بَدَأْت بِالثَّنَاءِ عَلَى
اللَّهِ ثُمَّ بِالصَّلاَةِ عَلَى نَبِيِّهِ ثُمَّ دَعَوْت لِنَفْسِي فَقَالَ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «سَلْ تعطه» ([2]). [رَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ].
فَلَفْظُ
السَّمْعِ يُرَادُ بِهِ إدْرَاكُ الصَّوْتِ وَيُرَادُ بِهِ مَعْرِفَةُ الْمَعْنَى
مَعَ ذَلِكَ وَيُرَادُ بِهِ الْقَبُولُ وَالاِسْتِجَابَةُ مَعَ الْفَهْمِ. قَالَ
تَعَالَى: ﴿وَلَوۡ عَلِمَ ٱللَّهُ
فِيهِمۡ خَيۡرٗا لَّأَسۡمَعَهُمۡۖ﴾ ثُمَّ قَالَ ﴿وَلَوۡ
أَسۡمَعَهُمۡ﴾ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ الَّتِي هُمْ عَلَيْهَا لَمْ
يَقْبَلُوا الْحَقَّ ثُمَّ ﴿لَتَوَلَّواْ
وَّهُم مُّعۡرِضُونَ﴾ [الأنفال: 23]، فَذَمَّهُمْ بِأَنَّهُمْ لاَ يَفْهَمُونَ
الْقُرْآنَ وَلَوْ فَهِمُوهُ لَمْ يَعْمَلُوا بِهِ.
وَإِذَا
قَالَ السَّائِلُ لِغَيْرِهِ: أَسْأَلُ بِاَللَّهِ فَإِنَّمَا سَأَلَهُ بِإِيمَانِهِ
بِاَللَّهِ وَذَلِكَ سَبَبٌ لِإِعْطَاءِ مَنْ سَأَلَهُ بِهِ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ
يُحِبُّ الإِْحْسَانَ إلَى الْخَلْقِ لاَ سِيَّمَا إنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ كَفَّ
الظُّلْمِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَيَنْهَى عَنْ الظُّلْمِ وَأَمْرُهُ
أَعْظَمُ الأَْسْبَابِ فِي حَضِّ الْفَاعِلِ فَلاَ سَبَبَ أَوْلَى مِنْ أَنْ
يَكُونَ مُقْتَضِيًا لِمُسَبِّبِهِ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى.
**********
الشرح
قوله: «وَلِهَذَا أُمِرَ الْمُصَلِّي أَنْ يَدْعُوَ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ...». من أسباب قبول الدعاء: ما جاء في هذه الأحاديث
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (1481)، والترمذي رقم (3477)، وأحمد رقم (23937).
الصفحة 1 / 690