×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَرَأَيْت أَهْلَ الْمَدِينَةِ إذَا خَرَجُوا مِنْهَا أَوْ دَخَلُوا أَتَوْا الْقَبْرَ فَسَلَّمُوا قَالَ وَلِذَلِكَ رَأْيٌ.

قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الباجي: فَفَرَّقَ بَيْنَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْغُرَبَاءِ لأَِنَّ الْغُرَبَاءَ قَصَدُوا لِذَلِكَ وَأَهْلَ الْمَدِينَةِ مُقِيمُونَ بِهَا لَمْ يَقْصِدُوهَا مِنْ أَجْلِ الْقَبْرِ وَالتَّسْلِيمِ.

قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ»، «اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» ([1]).

قَالَ: وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا» ([2]).

قَالَ وَمِنْ كِتَابِ أَحْمَدَ بْنِ شُعْبَةَ فِيمَنْ وَقَفَ بِالْقَبْرِ لاَ يَلْتَصِقُ بِهِ وَلاَ يَمَسُّهُ وَلاَ يَقِفُ عِنْدَهُ طَوِيلاً.

وَفِي «العتبية» - يَعْنِي عَنْ مَالِكٍ -: يَبْدَأُ: بِالرُّكُوعِ قَبْلَ السَّلاَمِ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وأَحَبُّ مَوَاضِعِ التَّنَفُّلِ فِيهِ مُصَلَّى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَيْثُ الْعَمُودُ الْمُخَلَّقُ وَأَمَّا فِي الْفَرِيضَةِ فَالتَّقَدُّمُ إلَى الصُّفُوفِ.

قَالَ: وَالتَّنَفُّلُ فِيهِ لِلْغُرَبَاءِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ التَّنَفُّلِ فِي الْبُيُوتِ.

فَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَمَا نَقَلُوهُ عَنْ الصَّحَابَةِ يُبَيِّنُ أَنَّهُمْ لَمْ يَقْصِدُوا الْقَبْرَ إلاَّ لِلسَّلاَمِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالدُّعَاءِ لَهُ.

وَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ إطَالَةَ الْقِيَامِ لِذَلِكَ وَكَرِهَ أَنْ يَفْعَلَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ كُلَّمَا دَخَلُوا الْمَسْجِدَ وَخَرَجُوا مِنْهُ وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الْغُرَبَاءُ وَمَنْ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ أَوْ خَرَجَ لَهُ فَإِنَّهُ تَحِيَّةٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.


الشرح

([1])  أخرجه: مالك في الموطأ رقم (414).

([2])  أخرجه: أبو داود رقم (2042)، وأحمد رقم (8804)، وأبو يعلى رقم(469).