×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

فَأَمَّا إذَا قَصَدَ الرَّجُلُ الدُّعَاءَ لِنَفْسِهِ فَإِنَّمَا يَدْعُو فِي مَسْجِدِهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ كَمَا ذَكَرُوا ذَلِكَ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ عِنْدَ الْقَبْرِ بَلْ وَلاَ أَطَالَ الْوُقُوفَ عِنْدَ الْقَبْرِ لِلدُّعَاءِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَكَيْفَ بِدُعَائِهِ لِنَفْسِهِ ؟

**********

الشرح

قوله: «قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَرَأَيْت أَهْلَ الْمَدِينَةِ إذَا خَرَجُوا مِنْهَا أَوْ دَخَلُوا أَتَوْا الْقَبْرَ فَسَلَّمُوا قَالَ وَلِذَلِكَ رَأْيٌ». يعني: وجهة نظر واجتهاد.

قوله: «قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الباجي: فَفَرَّقَ بَيْنَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْغُرَبَاءِ». أي: فرق بين المقيمين بالمدينة، والغرباء القادمين إليها؛ لأن القادمين أتوا للصلاة في المسجد النبوي، وتبعًا لذلك يسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم، أما أهل المدينة والمقيمون فيها، فإنه لم يقدموا من سفر، فلا يترددون على القبر كلما دخلوا أو أرادوا الخروج من المسجد، وعلى هذا فعل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم لم يكونوا يترددون على القبر وهم مقيمون بالمدينة.

وقوله صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ». الوثن: كل ما يُعبد من دون الله من شجر أو حجر أو قبر، فأي شيء يُعبد من دون الله فهو وثن، أما الصنم فهو ما كان على صورة إنسان أو حيوان، والوثن أعم من الصنم؛ لأن الصنم ما كان على صورة، وأما الوثن، فلا يلزم أن يكون على صورة، قد يكون شجرة أو حجرًا أو قبرًا، أو غير ذلك، فالنبي صلى الله عليه وسلم خشي على أمته من الغلو فيه كما غلت الأمم السابقة في قبور أنبيائها، ولذلك قال عند وفاته هذا الحديث محذرًا لهذه الأمة، ودعا ربه وهم يسمعون، فقال: «اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ». أي: كما عُبدت قبور الأنبياء السابقين، وقال:


الشرح