وَأَيْضًا فَإِنَّ طَلَبَ
شَفَاعَتِهِ وَدُعَائِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَعِنْدَ قَبْرِهِ
لَيْسَ مَشْرُوعًا عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَلاَ ذَكَرَ
هَذَا أَحَدٌ مِنْ الأَْئِمَّةِ الأَْرْبَعَةِ وَأَصْحَابِهِ الْقُدَمَاءِ
وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَذَا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: ذَكَرُوا حِكَايَةً عَنْ
العتبي أَنَّهُ رَأَى أَعْرَابِيًّا أَتَى قَبْرَهُ وَقَرَأَ هَذِهِ الآْيَةَ وَأَنَّهُ
رَأَى فِي الْمَنَامِ أَنَّ اللَّهَ غَفَرَ لَهُ.
وَهَذَا
لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَذَاهِبِ
الْمَتْبُوعِينَ. الَّذِينَ يُفْتَى النَّاسُ بِأَقْوَالِهِمْ وَمَنْ ذَكَرَهَا
لَمْ يَذْكُرْ عَلَيْهَا دَلِيلاً شَرْعِيًّا.
وَمَعْلُومٌ
أَنَّهُ لَوْ كَانَ طَلَبُ دُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ عِنْدَ
قَبْرِهِ مَشْرُوعًا لَكَانَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ
أَعْلَمَ بِذَلِكَ وَأَسْبَقَ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِمْ وَلَكَانَ أَئِمَّةُ
الْمُسْلِمِينَ يَذْكُرُونَ ذَلِكَ.
وَمَا
أَحْسَنَ مَا قَالَ مَالِكٌ: لاَ يُصْلِحُ آخِرَ هَذِهِ الأُْمَّةِ إلاَّ مَا
أَصْلَحَ أَوَّلَهَا قَالَ: وَلَمْ يَبْلُغْنِي عَنْ أَوَّلِ هَذِهِ الأُْمَّةِ
وَصَدْرِهَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ. فَمِثْلُ هَذَا الإِْمَامِ
كَيْفَ يَشْرَعُ دِينًا لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدِ السَّلَفِ وَيَأْمُرُ
الأُْمَّةَ أَنْ يَطْلُبُوا الدُّعَاءَ وَالشَّفَاعَةَ وَالاِسْتِغْفَارَ - بَعْدَ
مَوْتِ الأَْنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ - مِنْهُمْ عِنْدَ قُبُورِهِمْ وَهُوَ
أَمْرٌ لَمْ يَفْعَلْهُ أَحَدٌ مِنْ سَلَفِ الأُْمَّةِ؟
**********
الشرح
قوله: «وَأَيْضًا: فَإِنَّ طَلَبَ
شَفَاعَتِهِ وَدُعَائِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَعِنْدَ قَبْرِهِ
لَيْسَ مَشْرُوعًا عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ». هو يُطلب
منه الشفاعة والدعاء في حياته، ويُستفتى، ويُسأل في حياته، ويُسأل منه المال
أيضًا، كل هذا جائز في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه حي قادر على ما يُطلب
منه، أما بعد موته فلا يُطلب منه شيء عند قبره، وإنما يُسلم عليه فقط،
الصفحة 1 / 690
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد