قَالَ: وَعَنْ ابْنِ أَبِي
قسيط والقعنبي: كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إذَا خَلاَ
الْمَسْجِدُ جَسُّوا بِرُمَّانَةِ الْمِنْبَرِ الَّتِي تِلْقَاءَ الْقَبْرِ
بِمَيَامِنِهِمْ ثُمَّ اسْتَقْبَلُوا الْقِبْلَةَ يَدْعُونَ.
قَالَ:
وَفِي «الْمُوَطَّأِ» مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ الليثي أَنَّهُ كَانَ -يَعْنِي
ابْنَ عُمَرَ- يَقِفُ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيُصَلِّي
عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.
وَعِنْدَ
ابْنِ الْقَاسِمِ والقعنبي: وَيَدْعُو لأَِبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. قَالَ مَالِكٌ فِي
رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ: يَقُولُ السَّلاَمُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ
وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. وَقَالَ فِي «الْمَبْسُوطِ»: وَيُسَلِّمُ عَلَى
أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الباجي: وَعِنْدِي أَنْ يَدْعُوَ
لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِلَفْظِ الصَّلاَةِ وَلأَِبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ
بِلَفْظِ السَّلاَمِ لِمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ الْخِلاَفِ.
وَهَذَا
الدُّعَاءُ يُفَسِّرُ الدُّعَاءَ الْمَذْكُورَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ
مَالِكٌ فِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ: إذَا سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه
وسلم وَدَعَا يَقِفُ وَوَجْهُهُ إلَى الْقَبْرِ لاَ إلَى الْقِبْلَةِ وَيَدْنُو
وَيُسَلِّمُ وَلاَ يَمَسُّ الْقَبْرَ.
فَهَذَا هُوَ
السَّلاَمُ عَلَيْهِ وَالدُّعَاءُ لَهُ بِالصَّلاَةِ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ
تَفْسِيرُهُ، وَكَذَلِكَ كَلُّ دُعَاءٍ ذَكَرَهُ أَصْحَابُهُ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ
حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ وَغَيْرِهِ.
**********
الشرح
قوله رحمه الله: «قَالَ: وَعَنْ
ابْنِ أَبِي قسيط والقعنبي كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إذَا
خَلاَ الْمَسْجِدُ جَسُّوا بِرُمَّانَةِ الْمِنْبَرِ الَّتِي تِلْقَاءَ الْقَبْرِ
بِمَيَامِنِهِمْ ثُمَّ اسْتَقْبَلُوا الْقِبْلَةَ يَدْعُونَ». هذا إن ثبت؛ لأن
الرمانة ودرجة المنبر قد لامستا بدون النبي صلى الله عليه وسلم، فهم يفعلون هذا من
باب الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم، وتعظيمًا له، ولكن هذا لا دليل عليه لا
من الكتاب ولا من السنة، وإنما هو اجتهاد ممن فعله، فلا بد من دليل على مشروعية
التمسح بالرمانة وبالمنبر.
الصفحة 1 / 690