×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 بَلْ إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَشْرَعْ هَذَا فَلَيْسَ هُوَ وَاجِبًا وَلاَ مُسْتَحَبًّا فَإِنَّهُ قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ وَحَرَّمَ مَا يُفْضِي إلَيْهِ كَمَا حَرَّمَ اتِّخَاذَ قُبُورِ الأَْنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ مَسَاجِدَ: فَفِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسِ: «إنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ أَلاَ فَلاَ تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ» ([1]).

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ قَبْلَ مَوْتِهِ: «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ»، يُحَذِّرُ مَا فَعَلُوا، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَلَوْلاَ ذَلِكَ لَأُبْرِزَ قَبْرُهُ وَلَكِنْ كَرِهَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا ([2]).

وَاِتِّخَاذُ الْمَكَانِ مَسْجِدًا هُوَ أَنْ يُتَّخَذَ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَغَيْرِهَا كَمَا تُبْنَى الْمَسَاجِدُ لِذَلِكَ وَالْمَكَانُ الْمُتَّخَذُ مَسْجِدًا إنَّمَا يُقْصَدُ فِيهِ عِبَادَةُ اللَّهِ وَدُعَاؤُهُ لاَ دُعَاءُ الْمَخْلُوقِينَ. فَحَرَّمَ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُتَّخَذَ قُبُورُهُمْ مَسَاجِدَ بِقَصْدِ الصَّلَوَاتِ فِيهَا كَمَا تُقْصَدُ الْمَسَاجِدُ وَإِنْ كَانَ الْقَاصِدُ لِذَلِكَ إنَّمَا يَقْصِدُ عِبَادَةَ اللَّهِ وَحْدَهُ لأَِنَّ ذَلِكَ ذَرِيعَةٌ إلاَّ أَنْ يَقْصِدُوا الْمَسْجِدَ لأَِجْلِ صَاحِبِ الْقَبْرِ وَدُعَائِهِ وَالدُّعَاءِ بِهِ وَالدُّعَاءِ عِنْدَهُ.

**********

الشرح

قوله: «بَلْ إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَشْرَعْ هَذَا فَلَيْسَ هُوَ وَاجِبًا وَلاَ مُسْتَحَبًّا فَإِنَّهُ قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ». مع كون دعاء الصالحين الأموات، والاستنجاد والاستغاثة بهم ليس مستحبًّا ولا واجبًا، وليس من الدين، مع ذلك فإن الله حرم هذا العمل، وحرم الوسائل التي تؤدي إليه.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (532).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (1330)، ومسلم رقم (529).