×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 وَمَا يُرْوَى أَنَّ الْخَلِيلَ لَمَّا أُلْقِيَ فِي الْمَنْجَنِيقِ قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: سَلْ قَالَ: «حَسْبِي مِنْ سُؤَالِي عِلْمُهُ بِحَالِي» ([1]). لَيْسَ لَهُ إسْنَادٌ مَعْرُوفٌ وَهُوَ بَاطِلٌ بَلْ الَّذِي ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: «حَسْبِي اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ». قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَهَا إبْرَاهِيمُ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ حِينَ: ﴿ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ [غافر: 60] ([2]).

**********

الشرح

قوله: «وَمَا يُرْوَى أَنَّ الْخَلِيلَ لَمَّا أُلْقِيَ فِي الْمَنْجَنِيقِ...». هذا الحديث لا أصل له، فمن ناحية الإسناد ليس له إسناد، ومن ناحية المعنى باطل؛ لأن فيه إلغاء للدعاء، كأن إبراهيم ترك الدعاء وقال: إن الله يعلم، وإذا كان يعلم لا حاجة للدعاء. نعم الله جل وعلا يعلم كل شيء، ولكن مع هذا أمرنا بالدعاء، وإلا فهو لا تخفى عليه أحوالنا، قال تعالى: ﴿ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ [غافر: 60]. فهذا القول فيه إلغاء للدعاء، فدل على بطلانه، وهذا قول الصوفية، فهم الذين لا يرون الدعاء، ويقولون: يكفي علم الله بأحوالنا. وهذا من شدة التقرب إلى الله بزعمهم، وهو خلاف ما أمر الله به في آيات كثيرة، وسبق أن الأنبياء كانوا يدعون الله ويأمرون الناس بالدعاء، وهم أعلم الناس بالله عز وجل، فهذا مما يدل على بطلان هذا الأثر.

ومع الأسف سمعت بعض الخطباء في خطبة مذاعة في الإذاعة أتى بهذا الأثر: «حَسْبِي مِنْ سُؤَالِي عِلْمُهُ بِحَالِي». دون أن يعلم هذا


الشرح

([1])  ذكره الثعلبي في تفسيره (6/ 281).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (4563).