×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 وَفِي هَذَا الْبَابِ مِنْ الْوَقَائِعِ مَا يَضِيقُ هَذَا الْمَوْضِعُ عَنْ ذِكْرِهِ وَهِيَ كَثِيرَةٌ جِدًّا وَالْجَاهِلُ يَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ الَّذِي رَآهُ قَدْ خَرَجَ مِنْ الْقَبْرِ وَعَانَقَهُ أَوْ كَلَّمَهُ هُوَ الْمَقْبُورُ أَوْ النَّبِيُّ أَوْ الصَّالِحُ وَغَيْرُهُمَا وَالْمُؤْمِنُ الْعَظِيمُ يَعْلَمُ أَنَّهُ شَيْطَانٌ وَيَتَبَيَّنُ ذَلِكَ بِأُمُورِ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَقْرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ بِصِدْقِ فَإِذَا قَرَأَهَا تَغَيَّبَ ذَلِكَ الشَّخْصُ أَوْ سَاخَ فِي الأَْرْضِ أَوْ احْتَجَبَ وَلَوْ كَانَ رَجُلاً صَالِحًا أَوْ مَلِكًا أَوْ جِنِّيًّا مُؤْمِنًا لَمْ تَضُرَّهُ آيَةُ الْكُرْسِيِّ وَإِنَّمَا تَضُرُّ الشَّيَاطِينَ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَمَّا قَالَ لَهُ الْجِنِّيُّ: اقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ إذَا أَوَيْت إلَى فِرَاشِك فَإِنَّهُ لاَ يَزَالُ عَلَيْك مِنْ اللَّهِ حَافِظٌ وَلاَ يَقْرَبُك شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «صَدَقَك وَهُوَ كَذُوبٌ» ([1]).

ومِنْهَا أَنْ يَسْتَعِيذَ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيَاطِينِ.

ومِنْهَا أَنْ يَسْتَعِيذَ بِالْعُوَذِ الشَّرْعِيَّةِ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ كَانَتْ تَعْرِضُ لِلأَْنْبِيَاءِ فِي حَيَاتِهِمْ وَتُرِيدُ أَنْ تُؤْذِيَهُمْ وَتُفْسِدَ عِبَادَتَهُمْ كَمَا جَاءَتْ الْجِنُّ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِشُعْلَةِ مِنْ النَّارِ تُرِيدُ أَنْ تُحْرِقَهُ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ بِالْعُوذَةِ الْمَعْرُوفَةِ الَّتِي تَضَمَّنَهَا الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ أَنَّهُ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ حبيش وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَيْفَ صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ كَادَتْهُ الشَّيَاطِينُ؟ قَالَ: تَحَدَّرَتْ عَلَيْهِ مِنْ الشِّعَابِ وَالأَْوْدِيَةِ وَفِيهِمْ شَيْطَانٌ مَعَهُ شُعْلَةٌ مِنْ نَارٍ يُرِيدُ أَنْ يُحْرِقَ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَرَعَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ قُلْ، قَالَ: «مَا أَقُولُ؟» قَالَ: قُلْ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الَّتِي لاَ يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2311).