×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: ﴿كَبُرَتۡ كَلِمَةٗ تَخۡرُجُ مِنۡ أَفۡوَٰهِهِمۡۚ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبٗا [الكهف: 5]، وقَوْله تَعَالَى: ﴿قُلۡ يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ تَعَالَوۡاْ إِلَىٰ كَلِمَةٖ سَوَآءِۢ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمۡ الآْيَةَ [آل عمران: 64]، وقَوْله تَعَالَى: ﴿وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفۡلَىٰۗ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِيَ ٱلۡعُلۡيَاۗ [التوبة: 40]، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ.

وَلاَ يُوجَدُ لَفْظُ الْكَلاَمِ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ إلاَّ بِهَذَا الْمَعْنَى. وَالنُّحَاةُ اصْطَلَحُوا عَلَى أَنْ يُسَمُّوا الاِسْمَ وَحْدَهُ وَالْفِعْلَ وَالْحَرْفَ كَلِمَةً ثُمَّ يَقُولُ بَعْضُهُمْ: وَقَدْ يُرَادُ بِالْكَلِمَةِ الْكَلاَمُ؛ فَيَظُنُّ مَنْ اعْتَادَ هَذَا أَنَّ هَذَا هُوَ لُغَةُ الْعَرَبِ.

وَكَذَلِكَ لَفْظُ«ذَوِي الأَْرْحَامِ»فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يُرَادُ بِهِ الأَْقَارِبُ مِنْ جِهَةِ الأَْبَوَيْنِ فَيَدْخُلُ فِيهِمْ الْعَصَبَةُ وَذَوُو الْفُرُوضِ وَإِنْ شَمِلَ ذَلِكَ مَنْ لاَ يَرِثُ بِفَرْضِ وَلاَ تَعْصِيبٍ ثُمَّ صَارَ ذَلِكَ فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ اسْمًا لِهَؤُلاَءِ دُونَ غَيْرِهِمْ فَيَظُنُّ مَنْ لاَ يَعْرِفُ إلاَّ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي كَلاَمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَكَلاَمِ الصَّحَابَةِ وَنَظَائِرُ هَذَا كَثِيرَةٌ.

وَلَفْظُ«التَّوَسُّلِ»وَ«الاِسْتِشْفَاعِ»وَنَحْوِهِمَا دَخَلَ فِيهَا مِنْ تَغْيِيرِ لُغَةِ الرَّسُولِ وَأَصْحَابِهِ مَا أَوْجَبَ غَلَطَ مَنْ غَلِطَ عَلَيْهِمْ فِي دِينِهِمْ وَلُغَتِهِمْ.

وَالْعِلْمُ يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ مُصَدِّقٍ وَنَظَرٍ مَحْقُوقٍ. وَالْمَنْقُولُ عَنْ السَّلَفِ وَالْعُلَمَاءِ يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةٍ بِثُبُوتِ لَفْظِهِ وَمَعْرِفَةِ دَلاَلَتِهِ كَمَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ الْمَنْقُولِ عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. فَهَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْحِكَايَةِ.

**********

الشرح

قوله تعالى: ﴿وَقَضَيۡنَآ إِلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ فِي ٱلۡكِتَٰبِ [الإسراء:4]. هذه جملة، ومع هذا سماها الله كلمة، قال: ﴿كَبُرَتۡ كَلِمَةٗ تَخۡرُجُ مِنۡ أَفۡوَٰهِهِمۡۚ [الكهف: 5]، مع أنها جملة، فهذا يرد على النحويين أنهم


الشرح