×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

فَالزِّيَارَةُ الشَّرْعِيَّةُ يُقْصَدُ بِهَا السَّلاَمُ عَلَيْهِمْ وَالدُّعَاءُ لَهُمْ كَمَا يُقْصَدُ الصَّلاَةُ عَلَى أَحَدِهِمْ إذَا مَاتَ فَيُصَلَّى عَلَيْهِ صَلاَةَ الْجِنَازَةِ فَهَذِهِ الزِّيَارَةُ الشَّرْعِيَّةُ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَزُورَهَا كَزِيَارَةِ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْبِدَعِ لِدُعَاءِ الْمَوْتَى وَطَلَبِ الْحَاجَاتِ مِنْهُمْ؛ أَوْ لاِعْتِقَادِهِ أَنَّ الدُّعَاءَ عِنْدَ قَبْرِ أَحَدِهِمْ أَفْضَلُ مِنْ الدُّعَاءِ فِي الْمَسَاجِدِ وَالْبُيُوتِ؛ أَوْ أَنَّ الإِْقْسَامَ بِهِمْ عَلَى اللَّهِ وَسُؤَالَهُ سُبْحَانَهُ بِهِمْ أَمْرٌ مَشْرُوعٌ يَقْتَضِي إجَابَةَ الدُّعَاءِ فَمِثْلُ هَذِهِ الزِّيَارَةِ بِدْعَةٌ مَنْهِيٌّ عَنْهَا.

فَإِذَا كَانَ لَفْظُ الزِّيَارَةِ مُجْمَلاً يَحْتَمِلُ حَقًّا وَبَاطِلاً عُدِلَ عَنْهُ إلَى لَفْظٍ. لاَ لَبْسَ فِيهِ كَلَفْظِ السَّلاَمِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ لأَِحَدِ أَنْ يَحْتَجَّ عَلَى مَالِكٍ بِمَا رُوِيَ فِي زِيَارَةِ قَبْرِهِ أَوْ زِيَارَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّ هَذِهِ كُلَّهَا أَحَادِيثُ ضَعِيفَةٌ بَلْ مَوْضُوعَةٌ لاَ يُحْتَجُّ بِشَيْءِ مِنْهَا فِي أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ.

وَالثَّابِتُ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ» ([1])، هَذَا هُوَ الثَّابِتُ فِي الصَّحِيحِ وَلَكِنَّ بَعْضَهُمْ رَوَاهُ بِالْمَعْنَى فَقَالَ «قَبْرِي». وَهُوَ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ لَمْ يَكُنْ قَدْ قُبِرَ بَعْدُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ.

**********

الشرح

قوله: «فَمِثْلُ هَذِهِ الزِّيَارَةِ بِدْعَةٌ مَنْهِيٌّ عَنْهَا». زيارة القبور على ثلاثة أنواع:

الأول: زيارة شرعية، وهي التي يُقصد بها السلام على الأموات والدعاء لهم بالمغفرة والرحمة؛ لما في ذلك من النفع للأموات، وأيضًا: الاعتبار بالأموات، والقبور تذكر بالآخرة.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1195)، ومسلم رقم (1390).