×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودُهُ إلاَّ طَلَبَ حَاجَتِهِ لَمْ يَقْصِدْ نَفْعَ ذَلِكَ وَالإِْحْسَانَ إلَيْهِ فَهَذَا لَيْسَ مِنْ الْمُقْتَدِينَ بِالرَّسُولِ الْمُؤْتَمِّينَ بِهِ فِي ذَلِكَ بَلْ هَذَا هُوَ مِنْ السُّؤَالِ الْمَرْجُوحِ الَّذِي تَرْكُهُ إلَى الرَّغْبَةِ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَفْضَلُ مِنْ الرَّغْبَةِ إلَى الْمَخْلُوقِ وَسُؤَالِهِ. وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ سُؤَالِ الأَْحْيَاءِ السُّؤَالَ الْجَائِزَ الْمَشْرُوعَ.

وَأَمَّا سُؤَالُ الْمَيِّتِ فَلَيْسَ بِمَشْرُوعِ لاَ وَاجِبٍ وَلاَ مُسْتَحَبٍّ؛ بَلْ وَلاَ مُبَاحٍ؛ وَلَمْ يَفْعَلْ هَذَا قَطُّ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَلاَ اسْتَحَبَّ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ سَلَفِ الأُْمَّةِ لأَِنَّ ذَلِكَ فِيهِ مَفْسَدَةٌ رَاجِحَةٌ وَلَيْسَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ وَالشَّرِيعَةُ إنَّمَا تَأْمُرُ بِالْمَصَالِحِ الْخَالِصَةِ أَوْ الرَّاجِحَةِ وَهَذَا لَيْسَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ بَلْ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَفْسَدَةً مَحْضَةً أَوْ مَفْسَدَةً رَاجِحَةً وَكِلاَهُمَا غَيْرُ مَشْرُوعٍ.

فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ طَلَبِ الدُّعَاءِ مِنْ غَيْرِهِ: هُوَ مِنْ بَابِ الإِْحْسَانِ إلَى النَّاسِ الَّذِي هُوَ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ.

**********

الشرح

قوله: «وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودُهُ إلاَّ طَلَبَ حَاجَتِهِ لَمْ يَقْصِدْ نَفْعَ ذَلِكَ وَالإِْحْسَانَ إلَيْهِ». إذا قال له: ادع لي. فإن كان قصده أن ينتفع الداعي بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا مقصد عظيم:

أولاً: أمره بالدعاء، والدعاء عبادة.

ثانيًا: قصد نفعه بهذا، وأن تؤمن الملائكة على دعائه، وأن تقول له: لك من الأجر بمثله. أما إذا اقتصر على نفسه، وقال: ادع لي. يقصد النفع لنفسه فقط، فهذا قصور، وتحجر للخير، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يقصد هذا في قوله لعمر: «وَلاَ تَنْسَنَا يَا أخِي مِن دُعَائِكَ». لم يقصد قصر النفع على نفسه، وإنما قصد النفع لعمر رضي الله عنه.


الشرح