×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 وَأَمَّا الشَّفَاعَةُ وَالدُّعَاءُ، فَانْتِفَاعُ الْعِبَادِ بِهِ مَوْقُوفٌ عَلَى شُرُوطٍ، وَلَهُ مَوَانِعُ، فَالشَّفَاعَةُ لِلْكُفَّارِ بِالنَّجَاةِ مِنْ النَّارِ، وَالاِسْتِغْفَارِ لَهُمْ مَعَ مَوْتِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ لاَ تَنْفَعُهُمْ، وَلَوْ كَانَ الشَّفِيعُ أَعْظَمَ الشُّفَعَاءِ جَاهًا، فَلاَ شَفِيعَ أَعْظَمُ مِنْ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ الْخَلِيلُ إبْرَاهِيمُ، وَقَدْ دَعَا الْخَلِيلُ إبْرَاهِيمُ لأَِبِيهِ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْهُ ﴿رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيَّ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ يَوۡمَ يَقُومُ ٱلۡحِسَابُ [إبراهيم: 41]. وَقَدْ كَانَ صلى الله عليه وسلم أَرَادَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لأَِبِي طَالِبٍ اقْتِدَاءً بِإِبْرَاهِيمَ، وَأَرَادَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِبَعْضِ أَقَارِبِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن يَسۡتَغۡفِرُواْ لِلۡمُشۡرِكِينَ وَلَوۡ كَانُوٓاْ أُوْلِي قُرۡبَىٰ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُمۡ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَحِيمِ [التوبة: 113]، ثُمَّ ذَكَرَ اللَّهُ عُذْرَ إبْرَاهِيمَ، فَقَالَ: ﴿وَمَا كَانَ ٱسۡتِغۡفَارُ إِبۡرَٰهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَن مَّوۡعِدَةٖ وَعَدَهَآ إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُۥٓ أَنَّهُۥ عَدُوّٞ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنۡهُۚ إِنَّ إِبۡرَٰهِيمَ لَأَوَّٰهٌ حَلِيمٞ ١١٤وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِلَّ قَوۡمَۢا بَعۡدَ إِذۡ هَدَىٰهُمۡ حَتَّىٰ يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٌ ١١٥ [التوبة: 114- 115].

**********

الشرح

قوله: «وَأَمَّا الشَّفَاعَةُ وَالدُّعَاءُ فَانْتِفَاعُ الْعِبَادِ بِهِ مَوقُوفٌ عَلَى شُرُوطٍ وَلَهُ مَوَانِعُ» الذي يقرب إلى الله جل وعلا هو الإيمان بالرسل واتباعهم، وليس الذي يقرب إلى الله جل وعلا دعاء الرسل أنفسهم، أو الاستغاثة بهم بعد موتهم، أو الذبح والنذر لهم، فهذا شرك، وهذا فعل الجاهلية، قال تعالى: ﴿وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ [يونس: 18] يصرفون لهم العبادة، ويقولون: هؤلاء شفعاء، ﴿مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ [الزمر: 3]، اعترفوا أنهم يعبدونهم، فقالوا: ﴿مَا نَعۡبُدُهُمۡ، وليس المقصود من التقرب إلى


الشرح