×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 وَأَمَّا الصِّدِّيقُ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ فِيهِ وَفِي مِثْلِهِ: ﴿وَسَيُجَنَّبُهَا ٱلۡأَتۡقَى ١٧ٱلَّذِي يُؤۡتِي مَالَهُۥ يَتَزَكَّىٰ ١٨وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُۥ مِن نِّعۡمَةٖ تُجۡزَىٰٓ ١٩إِلَّا ٱبۡتِغَآءَ وَجۡهِ رَبِّهِ ٱلۡأَعۡلَىٰ ٢٠وَلَسَوۡفَ يَرۡضَىٰ ٢١ [الليل: 17- 21].

وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيْنَا فِي صُحْبَتِهِ وَذَاتِ يَدِهِ أَبُو بَكْرٍ وَلَوْ كُنْت مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الأَْرْضِ خَلِيلاً لاَتَّخَذْت أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً» ([1])، فَلَمْ يَكُنْ فِي الصَّحَابَةِ أَعْظَمُ مِنْهُ مِنْ الصِّدِّيقِ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ. وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَعْمَلُ هَذَا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَْعْلَى لاَ يَطْلُبُ جَزَاءً مِنْ مَخْلُوقٍ فَقَالَ تَعَالَى ﴿وَسَيُجَنَّبُهَا ٱلۡأَتۡقَى ١٧ٱلَّذِي يُؤۡتِي مَالَهُۥ يَتَزَكَّىٰ ١٨وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُۥ مِن نِّعۡمَةٖ تُجۡزَىٰٓ ١٩إِلَّا ٱبۡتِغَآءَ وَجۡهِ رَبِّهِ ٱلۡأَعۡلَىٰ ٢٠وَلَسَوۡفَ يَرۡضَىٰ ٢١﴾، فَلَمْ يَكُنْ لأَِحَدٍ عِنْدَ الصِّدِّيقِ نِعْمَةٌ تُجْزَى؛ فَإِنَّهُ كَانَ مُسْتَغْنِيًا بِكَسْبِهِ وَمَالِهِ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَهُ عَلَى الصِّدِّيقِ وَغَيْرِهِ نِعْمَةُ الإِْيمَانِ وَالْعِلْمِ وَتِلْكَ النِّعْمَةُ لاَ تُجْزَى فَإِنَّ أَجْرَ الرَّسُولِ فِيهَا عَلَى اللَّهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَآ أَسۡ‍َٔلُكُمۡ عَلَيۡهِ مِنۡ أَجۡرٍۖ إِنۡ أَجۡرِيَ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ [الشعراء: 109].

**********

الشرح

قوله تعالى: ﴿وَسَيُجَنَّبُهَا ٱلۡأَتۡقَى ١٧ٱلَّذِي يُؤۡتِي مَالَهُۥ يَتَزَكَّىٰ ١٨وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُۥ مِن نِّعۡمَةٖ تُجۡزَىٰٓ ١٩إِلَّا ٱبۡتِغَآءَ وَجۡهِ رَبِّهِ ٱلۡأَعۡلَىٰ ٢٠وَلَسَوۡفَ يَرۡضَىٰ ٢١ [الليل: 17- 21].

الشاهد فيه: أن الصديق رضي الله عنه كان يؤتي ماله -أي: يتصدق وينفق- ولا يريد من ذلك جزاءً من الناس، وإنما يريده من الله، فهو ينفق المال رغبة فيما عند الله عز وجل، ﴿وَسَيُجَنَّبُهَا أي: النار التي تلظى


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2383).