وَأَمَّا الْمَقَامُ
الثَّانِي فَإِنَّهُ يُقَالُ: مَا بَيَّنَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَنَّهُ حَقٌّ
لِلْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَقٌّ؛ لَكِنَّ الْكَلاَمَ فِي السُّؤَالِ
بِذَلِكَ فَيُقَالُ: إنْ كَانَ الْحَقُّ الَّذِي سَأَلَ بِهِ سَبَبًا لِإِجَابَةِ
السُّؤَالِ حَسُنَ السُّؤَالُ بِهِ كَالْحَقِّ الَّذِي يَجِبُ لِعَابِدِيهِ
وَسَائِلِيهِ.
وَأَمَّا
إذَا قَالَ السَّائِلُ: بِحَقِّ فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ فَأُولَئِكَ إذَا كَانَ لَهُمْ
عِنْدَ اللَّهِ حَقٌّ أَنْ لاَ يُعَذِّبَهُمْ وَأَنْ يُكْرِمَهُمْ بِثَوَابِهِ
وَيَرْفَعَ دَرَجَاتِهِمْ - كَمَا وَعَدَهُمْ بِذَلِكَ وَأَوْجَبَهُ عَلَى
نَفْسِهِ - فَلَيْسَ فِي اسْتِحْقَاقِ أُولَئِكَ مَا اسْتَحَقُّوهُ مِنْ كَرَامَةِ
اللَّهِ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِمَطْلُوبِ هَذَا السَّائِلِ فَإِنَّ ذَلِكَ
اسْتَحَقَّ مَا اسْتَحَقَّهُ بِمَا يَسَّرَهُ اللَّهُ لَهُ مِنْ الإِْيمَانِ
وَالطَّاعَةِ. وَهَذَا لاَ يَسْتَحِقُّ مَا اسْتَحَقَّهُ ذَلِكَ.
فَلَيْسَ
فِي إكْرَامِ اللَّهِ لِذَلِكَ سَبَبٌ يَقْتَضِي إجَابَةَ هَذَا.
وَإِنْ
قَالَ: السَّبَبُ هُوَ شَفَاعَتُهُ وَدُعَاؤُهُ فَهَذَا حَقٌّ إذَا كَانَ قَدْ
شَفَعَ لَهُ وَدَعَا لَهُ وَإِنْ لَمْ يَشْفَعْ لَهُ وَلَمْ يَدْعُ لَهُ لَمْ
يَكُنْ هُنَاكَ سَبَبٌ. وَإِنْ قَالَ: السَّبَبُ هُوَ مَحَبَّتِي لَهُ وَإِيمَانِي
بِهِ وَمُوَالاَتِي لَهُ فَهَذَا سَبَبٌ شَرْعِيٌّ وَهُوَ سُؤَالُ اللَّهِ
وَتَوَسُّلٌ إلَيْهِ بِإِيمَانِ هَذَا السَّائِلِ وَمَحَبَّتِهِ لِلَّهِ
وَرَسُولِهِ؛ وَطَاعَتِهِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ.
**********
الشرح
تقدم أن الشيخ رحمه الله يتكلم عن سؤال الله بحق المخلوق، وأن هذا يتضمن
مقامين:
المقام الأول: أن يثبت أن لهذا المخلوق حقًّا على الله.
المقام الثاني: إذا ثبت أن لهذا المخلوق حقًّا على الله، فلا بد أن
يثبت ما يدل على جواز سؤال الله به.
الصفحة 1 / 690
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد