فإذا تحقق هذان المقامان فلا بأس بذلك، أما المقام الأول فليس للمخلوق حق
على الخالق، بمعنى: أن أحدًا أوجب على الله حقًّا لخلقه، وإنما الله جل وعلا هو
الذي أوجب ذلك على نفسه تفضلاً منه وإحسانًا؛ كما قال جل وعلا: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيۡنَا
نَصۡرُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾ [الروم: 47]، وقال تعالى: ﴿كَتَبَ
رَبُّكُمۡ عَلَىٰ نَفۡسِهِ ٱلرَّحۡمَةَ أَنَّهُۥ مَنۡ عَمِلَ مِنكُمۡ سُوٓءَۢا
بِجَهَٰلَةٖ ثُمَّ تَابَ مِنۢ بَعۡدِهِۦ وَأَصۡلَحَ فَأَنَّهُۥ غَفُورٞ رَّحِيمٞ﴾ [الأنعام: 54]، هذا
أوجبه الله على نفسه تفضلاً منه وإحسانًا، لا أن أحدًا أوجبه على الله، فإذا كان
قصد السائل هذا، فهذا يحتاج إلى دليل أنه يجوز أن يسأل الله بحق فلان، أو بصلاح
فلان، أو بجاه فلان، فإن مقام الدعاء توقيفي؛ لأنه عبادة، ولا بد من دليل يدل على
جواز أن تسأل الله بحق فلان، وليس هناك دليل على ذلك، بل حق فلان، وعمل فلان له،
وليس لسائل فيه أي أثر، فكيف يسأل الله بصلاح فلان، أو عمل فلان، وهو ليس له فيه
عمل؟
فإن قال: أنا لا أسأل الله بصلاح فلان، أنا أسأل الله بإيماني بالرسول صلى
الله عليه وسلم، واتباعي له، أو محبتي للصالحين. نقول: نعم، وكونك تحب الرسول
والصالحين هذا عملك، فأنت تتوسل إلى الله بعملك، والتوسل إلى الله بالأعمال
الصالحة مشروع. ولكن ليس هذا هو غرض المتوسلين بالصالحين والأولياء، وإنما غرضهم
إما التوسل بذواتهم والإقسام بهم على الله، وإما التوسل بأعمالهم، وأعمالهم ليس
للسائل فيها استحقاق، وإنما هي لهم.
قوله: «فَلَيْسَ فِي اسْتِحْقَاقِ
أُولَئِكَ مَا اسْتَحَقُّوهُ مِنْ كَرَامَةِ اللَّهِ مَا يَكُونُ سَبَبًا
لِمَطْلُوبِ هَذَا السَّائِلِ». سبق أن العبد لا يسأل الله إلا
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد