×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 وَالْعَقْلُ فِي لُغَةِ الْمُسْلِمِينَ مَصْدَرُ عَقَلَ يَعْقِلُ عَقْلاً يُرَادُ بِهِ الْقُوَّةُ الَّتِي بِهَا يَعْقِلُ وَعُلُومٌ وَأَعْمَالٌ تَحْصُلُ بِذَلِكَ لاَ يُرَادُ بِهَا قَطُّ فِي لُغَةٍ جَوْهَرٌ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ فَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ هَذَا الْمَعْنَى بِلَفْظِ الْعَقْلِ. مَعَ أَنَّا قَدْ بَيَّنَّا فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ فَسَادَ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ الصَّرِيحِ وَأَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْمُجَرَّدَاتِ وَالْمُفَارَقَاتِ يَنْتَهِي أَمْرُهُمْ فِيهِ إلَى إثْبَاتِ النَّفْسِ الَّتِي تُفَارِقُ الْبَدَنَ بِالْمَوْتِ وَإِلَى إثْبَاتِ مَا تُجَرِّدُهُ النَّفْسُ مِنْ الْمَعْقُولاَتِ الْقَائِمَةِ بِهَا؛ فَهَذَا مُنْتَهَى مَا يُثْبِتُونَهُ مِنْ الْحَقِّ فِي هَذَا الْبَابِ.

وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ كَثِيرًا مِنْ كَلاَمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ يَتَكَلَّمُ بِهِ مَنْ يَسْلُكُ مَسْلَكَهُمْ وَيُرِيدُ مُرَادَهُمْ لاَ مُرَادَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ كَمَا يُوجَدُ فِي كَلاَمِ صَاحِبِ الْكُتُبِ الْمَضْنُونِ بِهَا وَغَيْرِهِ مِثْلُ مَا ذَكَرَهُ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ حَيْثُ جَعَلَهُ النَّفْسَ الْفَلَكِيَّةَ وَلَفْظِ الْقَلَمِ حَيْثُ جَعَلَهُ الْعَقْلَ الأَْوَّلَ.

وَلَفْظِ الْمَلَكُوتِ وَالْجَبَرُوت ِوَالْمُلْكِ حَيْثُ جَعَلَ ذَلِكَ عِبَارَةً عَنْ النَّفْسِ وَالْعَقْلِ وَلَفْظَ الشَّفَاعَةِ حَيْثُ جَعَلَ ذَلِكَ فَيْضًا يَفِيضُ مِنْ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُسْتَشْفِعِ وَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ قَدْ لاَ يَدْرِي وَسَلَكَ فِي هَذِهِ الأُْمُورِ وَنَحْوِهَا مَسَالِكَ ابْنِ سِينَا كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.

**********

الشرح

قوله رحمه الله: «وَالْعَقْلُ فِي لُغَةِ الْمُسْلِمِينَ مَصْدَرُ عَقَلَ يَعْقِلُ عَقْلاً يُرَادُ بِهِ الْقُوَّةُ الَّتِي بِهَا يَعْقِلُ». القوة التي بها يعقل الإنسان، وليست شيئًا موجودًا مخلوقًا يُرى ويُشاهد، فلا يشاهد أحد عقله، مثل الروح لا أحد يشاهدها، وهي سر من أسرار الله سبحانه وتعالى، فالعقل إنما هو قوة فقط جعلها الله في الإنسان وخصه بها من بين المخلوقات، فهو لا يقوم ويقعد ويقدم ويدبر كما ذكروا.


الشرح