ثُمَّ قَالَ فِي
الْحِكَايَةِ: «اسْتَقْبِلْهُ وَاسْتَشْفِعْ بِهِ فَيُشَفِّعْك اللَّهُ».
وَالاِسْتِشْفَاعُ بِهِ مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ
الشَّفَاعَةَ كَمَا يَسْتَشْفِعُ النَّاسُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكَمَا كَانَ
أَصْحَابُهُ يَسْتَشْفِعُونَ بِهِ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الَّذِي فِي السُّنَنِ
أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ جَهِدَتْ الأَْنْفُسُ وَجَاعَ
الْعِيَالُ وَهَلَكَ الْمَالُ فَادْعُ اللَّهَ لَنَا نَسْتَشْفِعُ بِاَللَّهِ
عَلَيْك وَنَسْتَشْفِعُ بِك عَلَى اللَّهِ فَسَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم حَتَّى عُرِفَ ذَلِكَ فِي وُجُوهِ أَصْحَابِهِ وَقَالَ: «وَيْحَك
أَتَدْرِي مَا تَقُولُ؟ شَأْنُ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ إنَّهُ لاَ
يُسْتَشْفَعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ» ([1]). وَذَكَرَ تَمَامَ
الْحَدِيثِ.
فَأَنْكَرَ
قَوْلَهُ: «نَسْتَشْفِعُ بِاَللَّهِ عَلَيْك». وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لاَ يُنْكَرُ
أَنْ يُسْأَلَ الْمَخْلُوقُ بِاَللَّهِ أَوْ يُقْسَمَ عَلَيْهِ بِاَللَّهِ
وَإِنَّمَا أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ شَافِعًا إلَى الْمَخْلُوقِ وَلِهَذَا
لَمْ يُنْكَرْ قَوْلُهُ: «نَسْتَشْفِعُ بِك عَلَى اللَّهِ»: فَإِنَّهُ هُوَ
الشَّافِعُ الْمُشَفَّعُ.
**********
الشرح
قوله: «ثُمَّ قَالَ فِي الْحِكَايَةِ».
أي: التي نُسبت إليه أنه قال للمنصور: «اسْتَقْبِلْهُ»
أي: القبر «وَاسْتَشْفِعْ بِهِ
فَيُشَفِّعْك اللَّهُ». هذا الحديث في كتاب التوحيد بوب عليه الشيخ محمد بن
عبد الوهاب: «بابٌ لا يُستشفع بالله على
أحد من خلقه» وذكر هذا الحديث.
وكون الأعرابي طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله لهم بالسقيا، هذا لا بأس به، وقد كان الصحابة يطلبون من النبي صلى الله عليه وسلم إذا أجدبوا أن يدعو الله لهم، وكونه يقول: «نَسْتَشْفِعُ بِك عَلَى اللَّهِ»؛ لأنه يُستشفع بالرسول صلى الله عليه وسلم إلى الله في حياته، بمعنى: أنه يُطلب منه الدعاء، والدعاء
الصفحة 1 / 690
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد