شفاعة. إنما الإنكار على قوله:
«نَسْتَشْفِعُ بِاَللَّهِ عَلَيْك»؛
لأنه جعل الله واسطة يتوسل بها، والمستشفع به أعظم من المستشفع إليه، فجعل الرسول
أعظم من الله، فهذا فيه تنقص لله جل وعلا، فغضب الرسول صلى الله عليه وسلم حتى سبح
وكرر التسبيح؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أعجبه شيئًا سبح، وإذا استنكر
شيئًا سبح؛ تنزيهًا لله سبحانه، فتسبيحه في هذه الحالة تنزيه لله عن مقالة هذا
الأعرابي الذي جعل الله واسطة إلى الرسول، وشفيعًا عند الرسول صلى الله عليه وسلم،
وهل هذا يليق بالله سبحانه وتعالى ؟
فهذا فيه إنكار المنكر، وتنزيه الله سبحانه وتعالى، وفيه تعليم الجاهل إذا
وقع في شيء يخل بالعقيدة، فلا يُسكت عنه، بل يُبين له، ويُغلظ عليه إذا كان الأمر
غليظًا شديدًا؛ حتى ينزجر ويكف عن هذا الشيء.
قوله: «وَإِنَّمَا أَنْكَرَ أَنْ
يَكُونَ اللَّهُ شَافِعًا إلَى الْمَخْلُوقِ». الجملة هذه هي التي استنكرها
الرسول: «نَسْتَشْفِعُ بِاَللَّهِ عَلَيْك»،
أما بقية الحديث فكل ألفاظه صحيحة، وتتوافق مع الأحاديث الأخرى.
قوله: «وَلِهَذَا لَمْ يُنْكَرْ قَوْلُهُ: نَسْتَشْفِعُ بِك عَلَى
اللَّهِ». أي: نطلب منك الدعاء؛ لأنهم كانوا يستشفعون بالرسول صلى الله عليه
وسلم في الدنيا في حياته، وفي الآخرة.
قوله: «فَإِنَّهُ هُوَ الشَّافِعُ الْمُشَفَّعُ».
عليه الصلاة والسلام.
وغرض الشيخ رحمه الله من إيراد هذا الحديث أن يبطل الحكاية المنسوبة إلى
الإمام مالك مع أبي جعفر المنصور الخليفة العباسي، وهذه الحكاية سبق أنها باطلة،
وفيها ألفاظ لا يليق أن تصدر من الإمام مالك رحمه الله.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد