الثاني: الزيارة الشركية، وهي التي يُقصد بها الاستغاثة بالأموات، وطلب
الحوائج منهم، ودعاؤهم من دون الله، وهي التي عليها عباد القبور اليوم، فهم
يزورونها لأجل الاستنجاد بالمقبورين، والاستغاثة بهم، وطلب الحوائج منهم، فيذبحون
لهم عند قبورهم، وينذرون لهم، ويقيمون عند قبورهم أيامًا، وينصبون الخيام، كما هو
حاصل عند قبر البدوي وغيره.
الثالث: زيارة بدعية، وهي التي لا يُقصد بها دعاء القبور، والاستغاثة
بالأموات، وإنما يُقصد بها الدعاء عند القبور، أو الصلاة عند القبور، ويظن من يفعل
ذلك أن هذا سبب للإجابة، فهذه زيارة بدعية، وهي وسيلة إلى الشرك.
قوله: «فَإِذَا كَانَ لَفْظُ
الزِّيَارَةِ مُجْمَلاً يَحْتَمِلُ حَقًّا وَبَاطِلاً عُدِلَ عَنْهُ». عدل عنه
مالك، وكره أن يقول: زرت قبر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لا يدري ما قصدك
بزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: «إلَى لَفْظٍ. لاَ لَبْسَ فِيهِ
كَلَفْظِ السَّلاَمِ عَلَيْهِ». أي: مالك يقول: قل سلمت على الرسول؛ لأن هذا
هو الوارد، ولا تقل: زرت الرسول؛ لأن هذه مجملة تشمل الزيارة المشروعة والزيارة
البدعية. وما أحسن كلام مالك رحمه الله دائمًا وأبدًا، فكلماته تنبع من التوحيد
والتحقيق والاتباع.
قوله: «وَلَمْ يَكُنْ لأَِحَدِ أَنْ
يَحْتَجَّ عَلَى مَالِكٍ بِمَا رُوِيَ فِي زِيَارَةِ قَبْرِهِ أَوْ زِيَارَتِهِ
بَعْدَ مَوْتِهِ». إذا كان مالك ينكر لفظ «زرت قبر النبي صلى الله عليه وسلم »، فلا يأت أحد ويحتج عليه
بالأحاديث التي فيها الحث على زيارة قبره، وزيارته بعد موته؛ لما سبق من أنها كلها
لا تقوم بها حجة.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد